بِالْقَتْلِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّخَلُّفُ لِأَنَّهُ إلْقَاءٌ بِنَفْسِهِ إلَى التَّهْلُكَةِ
(أَوْ وُجِدَ) مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ (سَكْرَانَ أَوْ تَقَايَأَهُ) أَيْ الْخَمْرَ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ (حُدَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكَرْ أَوْ يَتَقَيَّؤُهَا إلَّا وَقَدْ شَرِبَهَا (حُرٌّ) وُجِدَ مِنْهُ شَيْء مِمَّا تَقَدَّمَ (ثَمَانِينَ) جَلْدَةً لِمَا رَوَى الْجُوزَجَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ: فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اجْعَلْهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَضَرَبَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكَتَبَ بِهِ إلَى خَالِدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بِالشَّامِ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمَشُورَةِ: أَنَّهُ إذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى فَحُدُّوهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي.
(وَ) حَدُّ (رَقِيقٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ (نِصْفُهَا) أَيْ: أَرْبَعِينَ جَلْدَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أَمَّ وَلَدٍ
(وَلَوْ ادَّعَى) شَارِبٌ وَنَحْوُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ قِنًّا (جَهْلَ وُجُوبِ الْحَدِّ) حَيْثُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزِّنَا
(وَيُعَزَّرُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَتُهَا) أَيْ الْخَمْرِ وَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ بِهَا أَوْ ظَنَّهَا مَاءً فَلَمَّا صَارَتْ فِيهِ مَجَّهَا وَنَحْوَهُ (أَوْ) أَيْ وَيُعَزَّرُ مَنْ (حَضَرَ شُرْبَهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَ (لَا) يُحَدُّ وَلَا يُعَزَّرُ (شَارِبُ) خَمْرٍ (جَهِلَ التَّحْرِيمَ) أَيْ: تَحْرِيمَ الْخَمْرِ ; لِقَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ: لَا حَدَّ إلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ مَنْ شَرِبَهَا غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّهَا خَمْرٌ (وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْجَهْلِ) بِالتَّحْرِيمِ (مِمَّنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْفَى، بِخِلَافِ حَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ وَنَاشِئٍ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْإِسْلَامِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ
(وَلَا حَدَّ عَلَى كَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (لِشُرْبِ) خَمْرٍ لِاعْتِقَادِهِ حِلَّهُ كَنِكَاحِ مَجُوسِيٍّ ذَاتَ مَحْرَمِهِ
(وَيَثْبُتُ) شُرْبُ مُسْكِرٍ (بِإِقْرَارٍ) بِهِ (مَرَّةً كَقَذْفٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا بِخِلَافِ زِنًا وَسَرِقَةٍ (أَوْ) بِ (شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) عَلَى الشُّرْبِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ (وَلَوْ لَمْ يَقُولَا) شَرِبَ (مُخْتَارًا عَالِمًا) بِ (تَحْرِيمِهِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَتَقَدَّمَ وَيُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ بِهِ فَلَا يُحَدَّ
(وَيَحْرُمُ عَصِيرُ) عِنَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ رَكَانِ أَوْ غَيْرُهُ (غَلَى) كَغَلَيَانِ الْقِدْرِ بِأَنْ قَذَفَ بِزَبَدِهِ نَصًّا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يُسْكِرْ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الشِّدَّةُ الْحَادِثَةُ فِيهِ وَهِيَ تُوجَدُ بِوُجُودِ الْغَلَيَانِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ فَتَحَيَّنْت فِطْرَهُ بِنَبِيذٍ صَنَعْته فِي دُبَّاءَ ثُمَّ أَتَيْته بِهِ فَإِذَا هُوَ يَنُشُّ. فَقَالَ: اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطَ فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute