للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوَلِّيَ) قَاضِيًا (مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ) فَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِي الرِّعَايَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ

(وَ) لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ (قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ) وَاحِدٍ (وَإِنْ اتَّحَدَ عَمَلُهُمَا) لِأَنَّ الْغَرَضُ فَصْلُ الْخُصُومَاتِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْقَاضِيَ وَخُلَفَاءَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ وَلَا اعْتِرَاضَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ (وَيُقَدَّمُ قَوْلُ طَالِبٍ) إذَا تَنَازَعَ خَصْمَانِ وَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحُكْمَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَيُقَدَّمُ مُدَّعٍ (وَلَوْ عِنْدَ نَائِبٍ) وَالْآخَرُ عِنْدَ مُسْتَنِيبٍ لِأَنَّ الدَّعْوَى حَقٌّ لِلْمُدَّعِي (فَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ: الْخَصْمَانِ فِي الطَّلَبِ (كَمُدَّعِيَيْنِ اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاقٍ فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ) يُقَدَّمُ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى كُلْفَةِ الْمُضِيِّ لِلْأَبْعَدِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَى الْحَاكِمَانِ أَيْضًا فِي الْقُرْبِ يُقَدَّمُ مِنْ الْحَاكِمَيْنِ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ (الْقُرْعَةُ) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ غَيْرُهَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: ٢٦] وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْحَقُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ فَإِنْ قَلَّدَهُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ قَالَ يَعْنِي كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا قَالَ وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامِهِ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ وَأَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ

(وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ) بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ عَزَلَ) الْمُوَلِّي بِكَسْرِ اللَّامِ (الْمُوَلَّى بِفَتْحِهَا مَعَ صَلَاحِيَتِهِ) لِلْقَضَاءِ (لَمْ تَبْطُلْ وِلَايَتُهُ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ لَا الْإِمَامُ) إذْ تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ الْقَاضِيَ عَقْدٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ تَبْطُلْ لِزَوَالِهِ وَلَمْ يَمْلِكْ إبْطَالَهُ كَعُقْدَةِ النِّكَاحِ عَلَى مُوَلِّيَتِهِ وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ وَلَّوْا حُكَّامًا فِي زَمَانِهِمْ فَلَمْ يَنْعَزِلُوا بِمَوْتِهِمْ وَلِمَا فِي عَزْلٍ بِمَوْتِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِتَعَطُّلِ الْأَحْكَامِ وَتَوَقُّفِهَا إلَى أَنْ يُوَلَّى الثَّانِي (وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ قَاضِيًا فَعَزَلَ نُوَّابَهُ أَوْ زَالَتْ وِلَايَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ انْعَزَلُوا) لِأَنَّهُمْ نُوَّابُهُ كَالْوُكَلَاءِ لَهُ بِخِلَافِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ قَاضِيًا فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامُهُمْ عِنْدَهُ وَعِنْدَ نُوَّابِهِ بِالْبُلْدَانِ فَيَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَكَذَا وَالٍ وَمُحْتَسِبٌ وَأَمِير جِهَادٍ وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ نُصِّبَ لِجِبَايَةِ مَالٍ) كَخَرَاجٍ (وَصَرْفِهِ) إذَا وَلَّاهُمْ الْإِمَامُ فَلَا يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ وَلَا مَوْتِهِ لِأَنَّهَا عُقُودٌ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ

(وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>