لَكِنْ قَالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةَ. فَأَمَرَ الْمُوسِرَ بِالسَّعَةِ فِي النَّفَقَةِ وَرَدَّ الْفَقِيرَ إلَى اسْتِطَاعَتِهِ فَاعْتُبِرَ حَالُ الزَّوْجَيْنِ فِي ذَلِكَ رِعَايَةً لِكِلَا الْجَانِبَيْنِ وَلِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ رَجَعَ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (فَيَفْرِضُ) الْحَاكِمُ (لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خَاصًّا بِأُدْمِهِ الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهَا) أَيْ الْمُوسِرَةِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ (وَ) يَفْرِضُ لَهَا (لَحْمًا) وَمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي طَبْخِهِ (عَادَةَ الْمُوسِرِينَ بِمَحِلِّهِمَا) أَيْ بَلَدِ الزَّوْجَيْنِ لِاخْتِلَافِهِ بِحَسَبِ الْمَوَاضِعِ (وَتُنْقَلُ) زَوْجَةٌ (مُتَبَرِّمَةٌ مِنْ) أُدْمٍ إلَى أُدْمٍ (غَيْرِهِ) ; لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ (وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَيَكْتَفِي بِ) مَاعُونِ (خَزَفٍ وَخَشَبٍ، وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ.
(وَ) يَفْرِضُ حَاكِمٌ لِمُوسِرَةٍ مِنْ الْكِسْوَةِ (مَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ حَرِيرٍ وَخَزٍّ وَجَيِّدِ كَتَّانٍ وَ) جَيِّدِ (قُطْنٍ) عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ مِثْلِهَا مِنْ الْمُوسِرَاتِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ مَا يُفْرَضُ مِنْ الْكِسْوَةِ (قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَطَرْحَةٌ وَمِقْنَعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ) أَيْ مُضَرَّبَةٌ (لِلشِّتَاءِ وَ) أَقَلُّ مَا يُفْرَضُ (لِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ) وَإِزَارٌ فِي مَحِلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنَّوْمِ فِيهِ كَأَرْضِ الْحِجَازِ (وَ) أَقَلُّ مَا يُفْرَضُ (لِلْجُلُوسِ بِسَاطٌ وَرَفِيعُ الْحُصْرِ وَ) يَفْرِضُ حَاكِمٌ (لِفَقِيرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خُشْكَارًا بِأُدْمِهِ وَزَيْتَ مِصْبَاحٍ وَلَحْمَ الْعَادَةِ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُقْطِعُهَا اللَّحْمَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنْ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ " قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: يَعْنِي إذَا أُكْثِرَ مِنْهُ وَمِنْهُ كُلُّ كَلْبٍ ضَارٍ (وَ) يُفْرَضُ لِفَقِيرَةٍ مِنْ كِسْوَةٍ (مَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ فِيهِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ وَ) يُفْرَضُ (لِمُتَوَسِّطَةٍ مَعَ مُتَوَسِّطٍ وَمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ وَعَكْسِهَا) أَيْ مُعْسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ (مَا بَيْنَ ذَلِكَ) ; لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهِمَا ; لِأَنَّ فِي إيجَابِ الْأَعْلَى لِمُوسِرَةٍ تَحْتَ فَقِيرٍ ضَرَرًا عَلَيْهِ بِتَكْلِيفِهِ مَا لَا يَسَعُهُ حَالُهُ وَإِيجَابُ الْأَدْنَى ضَرَرًا عَلَيْهَا فَالتَّوَسُّطُ أَوْلَى، وَإِيجَابُ الْأَعْلَى لِفَقِيرَةٍ تَحْتَ مُوسِرٍ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهَا وَقَدْ أُمِرَ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ سَعَتِهِ فَالتَّوَسُّطُ أَوْلَى (وَمُوسِرٌ نِصْفُهُ حُرٌّ) فِي ذَلِكَ (كَمُتَوَسِّطَيْنِ) فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (وَمُعْسِرٍ كَذَلِكَ) أَيْ نِصْفِ حُرٍّ (كَ) زَوْجَيْنِ (مُعْسِرَيْنِ) فِي النَّفَقَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ (مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا مِنْ دُهْنٍ وَسِدْرٍ وَثَمَنِ مَاءٍ وَ) ثَمَنِ (مُشْطٍ وَأُجْرَةِ قَيِّمَةٍ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ الَّتِي تَغْسِلُ شَعْرَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute