الْقِيَامِ بِعِيَالِهِ فَلَا يَتْرُكُهُ لِوَهْمِ مَضَرَّةٍ.
(وَتُسَنُّ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (عِيَادَةُ الْمَرْضَى وَشَهَادَةُ الْجَنَائِزِ وَتَوْدِيعُ غَازٍ وَحَاجٍّ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ) ذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرَبِ وَفِيهِ أَجْرٌ عَظِيمٌ وَلَهُ حُضُورُ بَعْضِ ذَلِكَ وَتَرْكُ بَعْضِهِ ; لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِنَفْعِ نَفْسِهِ بِتَحْصِيلِ الْأَجْرِ وَالْقُرْبَةِ، بِخِلَافِ الْوَلَائِمِ فَإِنَّهُ يُرَاعِي فِيهَا حَقَّ الدَّاعِي فَيَنْكَسِرُ فِيهَا قَلْبُ مَنْ لَمْ يُجِبْهُ إذَا أَجَابَ غَيْرَهُ (وَهُوَ) أَيْ الْقَاضِي (فِي دَعَوَاتِ) الْوَلَائِمِ (كَغَيْرِهِ) ; ; «لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُهَا وَأَمَرَ بِحُضُورِهَا وَقَالَ: وَمَنْ لَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَمَتَى كَثُرَتْ وَازْدَحَمَتْ تَرَكَهَا كُلَّهَا (وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا عُذْرٌ كَمُنْكَرٍ أَوْ بُعْدِ مَكَان أَوْ اشْتَغَلَ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا دُونَ الْأُخْرَى أَجَابَ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي تَرْكِهَا.
(وَيُوصِي) الْقَاضِي وُجُوبًا (الْوُكَلَاءَ وَالْأَعْوَانَ بِبَابِهِ بِالرِّفْقِ بِالْخُصُومِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ) لِئَلَّا يَضُرُّوا بِالنَّاسِ (وَيَجْتَهِدُ أَنْ يَكُونُوا شُيُوخًا أَوْ كُهُولًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ) ، لِيَكُونُوا أَقَلَّ شَرًّا، فَإِنَّ الشَّبَابَ شُعْبَةٌ مِنْ الْجُنُونِ وَالْحَاكِمُ تَأْتِيهِ النِّسَاءُ وَفِي اجْتِمَاعِ الشَّبَابِ بِهِنَّ مَفْسَدَةٌ
(وَيُبَاحُ) لِقَاضٍ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ (أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا) ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اسْتَكْتَبَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَغَيْرَهُمَا» وَلِكَثْرَةِ اشْتِغَالِ الْحَاكِمِ بِنَفْسِهِ وَنَظَرِهِ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَا يُمْكِنُهُ تَوَلِّي الْكِتَابَةِ بِنَفْسِهِ (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ: كَاتِبِ الْقَاضِي (مُسْلِمًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: ١١٨] وَقَالَ عُمَرُ: لَا تُؤَمِّنُوهُمْ وَقَدْ خَوَّنَهُمْ اللَّهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُمْ وَقَدْ أَبْعَدَهُمْ اللَّهُ، وَلَا تُعِزُّوهُمْ وَقَدْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ (عَدْلًا) ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ أَمَانَةٍ، (وَيُسَنُّ كَوْنُهُ حَافِظًا عَالِمًا) ; لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى أَمْرِهِ، وَكَوْنُهُ حُرًّا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَكَوْنُهُ جَيِّدَ اللَّحْظِ ; لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَكَوْنُهُ عَارِفًا قَالَهُ فِي الْكَافِي، لِئَلَّا يُفْسِدَ مَا يَكْتُبُهُ بِجَهْلِهِ، (وَيَجْلِسُ) الْكَاتِبُ (بِحَيْثُ يُشَاهِدُ) الْقَاضِي (مَا يَكْتُبُهُ) ; لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِإِمْلَائِهِ عَلَيْهِ وَأَبْعَدُ لِلتُّهْمَةِ، (وَيَجْعَلُ) الْقَاضِي (الْقِمَطْرَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ (، وَهُوَ مَا يَجْمَعُ فِيهِ الْقَضَايَا مَخْتُومًا بَيْنَ يَدَيْهِ) لِيُحْفَظَ عَنْ التَّغْيِيرِ
(وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ) لِيَسْتَوْفِيَ بِهِمْ الْحُقُوقَ، وَتَثْبُتَ بِهِمْ الْحُجَجُ وَالْمَحَاضِرُ
(وَيَحْرُمُ) عَلَى قَاضٍ (تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ) أَيْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِحَيْثُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ لِوُجُوبِ قَبُولِ شَهَادَةِ مَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ
(وَلَا يَصِحُّ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute