للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ (حَاقِنٌ أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ) فِي شِدَّةِ (عَطَشٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ مَلَلٍ أَوْ كَسَلٍ أَوْ نُعَاسٍ أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَعْنَى الْغَضَبِ لِأَنَّهُ يَشْغَلُ الْفِكْرَ الْمُوصِلَ إلَى إصَابَةِ الْحَقِّ غَالِبًا (وَإِنْ خَالَفَ) وَحَكَمَ وَهُوَ غَضْبَان وَنَحْوُهُ (فَأَصَابَ الْحَقَّ نَفَذَ) حُكْمُهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضَاءُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: الْغَضَبِ وَنَحْوِهِ لِحَدِيثِ مُخَاصَمَةِ الْأَنْصَارِيِّ وَالزُّبَيْرِ فِي الشِّرَاجِ الْحُرَّةِ لَمَّا قَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: " اسْبِقْ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْجِدَارِ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْغَضَبُ الْحُكْمَ (لِأَنَّهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ غَلَطٌ يُقَرُّ) أَيْ: يُقِرُّهُ اللَّهُ تَعَالَى (عَلَيْهِ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا فِي حُكْمٍ) بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَوْلُهُ فِي حُكْمٍ احْتِرَازٌ عَمَّا وَقَعَ لَمَّا «مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَ حَالُهُ فَخَرَجَ شِيصًا فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: مَا لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ

(وَيَحْرُمُ) عَلَى الْحَاكِمِ (قَبُولُهُ رِشْوَةً) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» ".

قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَزَادَ فِي الْحُكْمِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ وَزَادَ: وَالرَّائِشَ. وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْتَشِي لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ أَوْ يُوقِفَ الْحُكْمَ عَنْ الْحَقِّ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ عَلَى حَاكِمٍ قَبُولُ (هَدِيَّةٍ) لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ مَرْفُوعًا " «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا غَالِبًا اسْتِمَالَةُ الْحَاكِمِ لِيَعْتَنِيَ بِهِ فِي الْحُكْمِ فَتُشْبِهُ الرِّشْوَةَ (إلَّا) الْهَدِيَّةَ (مِمَّنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكُومَةٌ فَيُبَاحُ) لَهُ أَخْذُهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ إذَنْ (كَ) مَا يُبَاحُ (لِمُفْتٍ) أَخْذُ الْهَدِيَّةِ (وَرَدُّهَا) أَيْ: الْهَدِيَّةِ مِنْ الْحَاكِمِ (أَوْلَى) .

وَقَالَ الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّنَزُّهُ عَنْهَا (فَإِنْ خَالَفَ) الْحَاكِمُ فَأَخَذَ الرِّشْوَةَ أَوْ الْهَدِيَّةَ حَيْثُ حُرِّمَتْ (رُدَّتَا لِمُعْطٍ) لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَخَذَهُمَا بِغَيْرِ حَقٍّ كَالْمَأْخُوذِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ

(وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ) أَيْ الْقَاضِي (وَشِرَاؤُهُ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ) أَيْ: أَنَّهُ وَكِيلُهُ لِئَلَّا يُحَابِيَ وَالْمُحَابَاةُ كَالْهَدِيَّةِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (وَلَا لِوَالٍ أَنْ يَتَّجِرَ) لِحَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ الْمَالِكِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا " «مَا عَدَلَ وَالٍ اتَّجَرَ فِي رَعِيَّتِهِ أَبَدًا» " وَإِنْ احْتَاجَ إلَى التِّجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَكْفِيهِ لَمْ تُكْرَهْ لَهُ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَصَدَ السُّوقَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ حَتَّى فَرَضُوا لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَلِوُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>