(أَوْ يُعَلِّمَهُ كَيْفَ يَدَّعِي إلَّا أَنْ يَتْرُكَ مَا يَلْزَمُ ذِكْرُهُ) فِي الدَّعْوَى (كَشَرْطِ عَقْدٍ وَ) سَبَبِ إرْثٍ وَ (نَحْوِهِ فَلَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ) ضَرُورَةً تَحْرِيرًا لِلدَّعْوَى وَلَا ضَرَرَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ وَأَكْثَر الْخُصُومِ لَا يَعْلَمُهُ وَلِيَتَّضِح لِلْقَاضِي وَجْهُ الْحُكْمِ
(وَلَهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَنْ يَزِنَ) عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِخَصْمِهِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَشْفَعَ لَهُ) عِنْدَ خَصْمِهِ (لِيَضَعَ عَنْ خَصْمِهِ شَيْئًا) لِأَنَّهَا شَفَاعَةٌ حَسَنَةٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} [النساء: ٨٥] وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّهُ «تَقَاضَى ابْنَ أُبَيٍّ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى يَا كَعْبُ فَقُلْت لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَيْ الشَّطْرَ. قَالَ قَدْ فَعَلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ (أَوْ) أَيْ: وَيَجُوزُ أَنْ يَشْفَعَ (لِيُنْظِرَهُ) أَيْ: يُمْهِلَ الْمَدِينَ بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْوَضْعِ
(وَ) لِلْقَاضِي (أَنْ يُؤَدِّبَ خَصْمًا افْتَاتَ عَلَيْهِ) كَقَوْلِهِ ارْتَشَيْت عَلَيَّ أَوْ حَكَمْتَ عَلَيَّ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَنَحْوِهِ بِضَرْبٍ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشْرٍ وَحَبْسٍ وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ (وَلَوْ لَمْ يُثْبِتْهُ) أَيْ: افْتِيَاتَهُ عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ جَرْحًا وَرُبَّمَا يَكُونُ ذَرِيعَةً لِلِافْتِيَاتِ (وَ) لَهُ (أَنْ يَنْتَهِرَهُ إذَا الْتَوَى) عَنْ الْحَقِّ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهِ
(وَيُسَنُّ) لِلْقَاضِي (أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءَ الْمَذَاهِبِ وَمُشَاوَرَتُهُمْ فِيمَا يَشْكُلُ) إنْ أَمْكَنَ وَسُؤَالُهُمْ إذَا حَدَثَتْ حَادِثَةٌ لِيَذْكُرُوا جَوَابَهُمْ وَأَدَاتَهُمْ فِيهَا فَإِنَّهُ أَسْرَعُ لِاجْتِهَادِهِ وَأَقْرَبُ لِصَوَابِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] قَالَ الْحَسَنُ إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَغَنِيٌّ عَنْ مُشَاوَرَتِهِمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِذَلِكَ الْحَاكِمُ بَعْدَهُ (فَإِنْ اتَّضَحَ) لَهُ الْحُكْمُ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ افْتِيَاتٌ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَتَّضِحْ لَهُ الْحُكْمُ (أَخَّرَهُ) حَتَّى يَتَّضِحَ (فَلَوْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ لَمْ يَصِحَّ) حُكْمُهُ (وَلَوْ أَصَابَ الْحَقَّ) إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ
(وَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ (تَقْلِيدُ غَيْرِهِ) وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ (أَعْلَمَ) مِنْهُ كَالْمُجْتَهِدِينَ فِي الْقِبْلَةِ نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ وَقَالَ أَحْمَدُ لِلْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ وَلَا تُقَلِّدْ دِينَكَ الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا
(وَ) يَحْرُمُ عَلَى قَاضٍ (الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَان كَثِيرًا) لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ مَرْفُوعًا " «لَا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَضَبٍ يَسِيرٍ لَا يَمْنَعُ فَهْمَ الْحُكْمِ (أَوْ) أَيْ: وَيَحْرُمُ أَنْ يَقْضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute