لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى الْكُفْرِ
(وَلِمُشْتَرٍ أَسِيرًا) مِنْ كَافِرٍ (رُجُوعٌ) عَلَى الْأَسِيرِ (بِثَمَنِهِ بِنِيَّةِ) رُجُوعٍ عَلَيْهِ. لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ " أَيُّمَا رَجُلٍ أَصَابَ رَقِيقَهُ وَمَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ أَصَابَهُ فِي أَيْدِي التُّجَّارِ بَعْدَ مَا انْقَسَمَ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَأَيُّمَا حُرٍّ اشْتَرَاهُ التُّجَّارُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِمْ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ " فَإِنَّ الْحُرَّ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى ; وَلِأَنَّ الْأَسِيرَ يَلْزَمُهُ فِدَاءُ نَفْسِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ حُكْمِ الْكُفَّارِ. فَإِذَا نَابَ عَنْهُ غَيْرُهُ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ عَنْهُ. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَقَوْلُ أَسِيرٍ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ مُنْكِرٌ لِلزَّائِدِ. وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ
(وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ (مَالُ مُسْلِمٍ، أَوْ) مَالُ (مُعَاهَدٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ (مَجَّانًا) أَيْ بِلَا عِوَضٍ وَعُرِفَ رَبُّهُ (فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ) إنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (مَجَّانًا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «إنَّ غُلَامًا لَهُ أَبِقَ إلَى الْعَدُوِّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ابْنِ عُمَرَ» وَعَنْهُ قَالَ «ذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَلِقَوْلِ عُمَرَ " مَنْ وَجَدَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يُقَسَّمْ ". رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ.
فَإِنْ قَسَّمَهُ الْإِمَامُ مَعَ عِلْمِهِ رَبَّهُ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ وَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى رَبِّهِ مَجَّانًا، وَإِنْ أَبَى رَبُّهُ أَخْذَهُ قَسَّمَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِإِدْرَاكِهِ، بَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ. فَإِذَا تَرَكَهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ التَّقْدِيمِ.
(وَ) إنْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ (بِشِرَاءٍ، أَوْ) قِتَالٍ وَأَدْرَكَهُ رَبُّهُ (بَعْدَ قَسْمِهِ) فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ (بِثَمَنِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ أَنْ نَقْسِمَهُ فَهُوَ لَك، وَإِنْ أَصَبْته بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْته بِالْقِيمَةِ» . وَلِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى ضَيَاعِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَحِرْمَانِ آخِذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَحَقُّهَا يَنْجَبِرُ بِالثَّمَنِ، فَرُجُوعُ صَاحِبِ الْمَالِ فِي عَيْنِ مَالِهِ بِثَمَنِهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، كَأَخْذِ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ مَالَ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُعَاهَدِ آخِذُهُ مِنْ كُفَّارٍ (أَوْ وَهَبَهُ) آخِذُهُ مِنْهُمْ (أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ آخِذُهُ) مِنْهُمْ لَزِمَ (أَوْ) بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ) ذَلِكَ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ (لَزِمَ) ذَلِكَ التَّصَرُّفُ لِصُدُورِهِ مِنْ مَالِكٍ فِي مِلْكِهِ (وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا سَبَقَ) أَيْ مَجَّانًا إنْ أَخَذَهُ مِنْ كُفَّارٍ مَجَّانًا، أَوْ بِثَمَنِهِ إنْ أَخَذَ مِنْهُمْ بِشِرَاءٍ أَوْ بَعْدَ قِسْمَةٍ (مِنْ آخَرَ مُشْتَرٍ وَآخَرَ مُتَّهِبٍ) كَأَوَّلِ آخِذٍ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute