للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالَ السَّائِلِ، فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَإِطْعَامُ جَائِعٍ وَنَحْوِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ.

(وَيَجِبُ قَبُولُ مَالٍ طَيِّبٍ أَتَى بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ) نَقَلَ الْأَثْرَمُ: عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ لِقَوْلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خُذْهُ " وَعَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا أَنَّهُ رَدَّ، وَقَالَ: دَعْنَا نَكُونُ أَعِزَّاءً، وَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ: يُكْرَهُ رَدُّهَا، وَإِنْ قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُحَرَّمًا، أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ رَدَّهُ، وَكَذَا إنْ اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ، بِأَنْ قَالَ: سَيَبْعَثُ لِي فُلَانٌ بِكَذَا وَنَحْوِهِ، وَمَنْ أَعْطَى شَيْئًا لِيُفَرِّقَهُ، فَحَسَّنَ أَحْمَدُ عَدَمَ الْأَخْذِ فِي رِوَايَةِ، وَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ.

(وَمَنْ سَأَلَ وَاجِبًا) كَمَنْ طَلَبَ شَيْئًا مِنْ زَكَاةٍ (مُدَّعِيًا كِتَابَةً) أَيْ: أَنَّهُ مُكَاتَبٌ (أَوْ) مُدَّعِيًا (غُرْمًا) أَيْ: أَنَّهُ غَارِمٌ (أَوْ) مُدَّعِيًا (أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ. أَوْ) مُدَّعِيًا (فَقْرًا وَعُرِفَ بِغِنًى قَبْلُ لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ صُدِّقَ فِي إرَادَةِ السَّفَرِ، كَمَا تَقَدَّمَ بِلَا يَمِينٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ إنَّهُ غَارِمٌ، جَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ فِي الْإِقْنَاعِ، وَقَالَ: وَيَكْفِي اشْتِهَارُ الْغُرْمِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ (وَهِيَ) أَيْ: الْبَيِّنَةُ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَخِيرَةِ) أَيْ: إذَا ادَّعَى فَقْرًا مَنْ عُرِفَ بِغِنًى (ثَلَاثَةُ رِجَالٍ) لِحَدِيثِ «إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا لِثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَإِنْ صَدَّقَ مُكَاتَبًا سَيِّدُهُ قُبِلَ) وَأُعْطِيَ (أَوْ) صَدَّقَ (غَارِمًا غَرِيمُهُ) أَنَّهُ مَدِينُهُ (قُبِلَ وَأُعْطِيَ) مِنْ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ.

(وَيُقَلَّدُ مَنْ ادَّعَى) مِنْ فُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِينِ (عِيَالًا) فَيُعْطِي لَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ (أَوْ) ادَّعَى (فَقْرًا وَلَمْ يُعْرَفْ بِغِنًى) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ، فَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً بِهِ.

(وَكَذَا يُقَلَّدُ جَلْدٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ: صَحِيحٌ (ادَّعَى عَدَمَ مَكْسَبٍ) وَيُعْطَى مِنْ زَكَاةٍ (بَعْدَ إعْلَامِهِ) أَيْ: الْجَلْدِ وُجُوبًا (أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد فِي الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَأَلَاهُ وَفِيهِ " «أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَصَعَّدَ فِينَا النَّظَرَ، فَرَآنَا جَلْدَيْنِ فَقَالَ: إنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» .

(وَيَحْرُمُ أَخْذُ) صَدَقَةٍ (بِدَعْوَى غِنَى فُقَرَاءَ، وَلَوْ مِنْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>