بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْأَمَانَاتِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا. وَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ (بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، كَحَرِيقٍ وَنَحْوِهِ) كَنَهْبِ جَيْشٍ (إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِوُجُودِهِ) أَيْ: السَّبَبِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهَا ضَاعَتْ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ ; لِأَنَّهُ. لَا تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.
(وَ) يُصَدَّقُ مُودَعٌ بِيَمِينِهِ فِي (عَدَمِ خِيَانَةٍ وَ) عَدَمِ (تَفْرِيطٍ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ
. (وَإِنْ ادَّعَى) مُودَعٌ (رَدَّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (لِحَاكِمٍ أَوْ وَرَثَةِ مَالِكٍ) لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ (أَوْ) ادَّعَى (رَدًّا بَعْدَ مَطْلِهِ) أَيْ تَأْخِيرِ دَفْعِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهِ (بِلَا عُذْرٍ أَوْ) ادَّعَى رَدًّا بَعْدَ (مَنْعِهِ) مِنْهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ; لِأَنَّهُ صَارَ كَالْغَاصِبِ.
(أَوْ) ادَّعَى (وَرَثَةُ) مُودَعٍ (رَدًّا) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ (وَلَوْ لِمَالِكٍ لَمْ يُقْبَلْ) ذَلِكَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ; لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُؤْتَمَنِينَ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مَالِكِهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ مُلْتَقِطٌ، أَوْ مَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا وَنَحْوَهُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(وَإِنْ) أَنْكَرَ مُودَعٌ الْوَدِيعَةَ فَ (قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي ثُمَّ أَقَرَّ) بِالْإِيدَاعِ (أَوْ ثَبَتَ) عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِجُحُودِهِ مُعْتَرِفًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ الْمُنَافِي لِلْأَمَانَةِ (وَلَوْ) أَتَى عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) فَلَا تُسْمَعُ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِجُحُودِهِ (وَيَقْبَلَانِ) أَيْ: الرَّدَّ وَالتَّلَفَ إذَا ادَّعَاهُمَا (بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْجُحُودِ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لَهَا إذَنْ. فَإِذَا شَهِدَا بِرَدٍّ أَوْ تَلَفٍ وَلَمْ يُعَيِّنَا هَلْ هُوَ قَبْلَ جُحُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ ; لِأَنَّ وُجُوبَهُ مُتَحَقِّقٌ فَلَا يَنْتَفِي بِأَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ فِيهِ. وَمَتَى ثَبَتَ التَّلَفُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْجُحُودِ كَالْغَاصِبِ.
(وَإِنْ قَالَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ لِمُدَّعِيهَا: (مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ) . أَوْ لَا حَقَّ لَكَ قِبَلِي وَنَحْوَهُ. ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى تَلَفًا، أَوْ رَدًّا (قُبِلَا) مِنْهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لِجَوَابِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَوْدَعَهُ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ، أَوْ رَدَّهَا فَلَا يَكُونُ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ. وَ (لَا) تُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى (وُقُوعُهُمَا) أَيْ: الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ (بَعْدَ إنْكَارِهِ) لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ بِالْجُحُودِ فَيُشْبِهُ الْغَاصِبَ وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ، ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ بَقَائِهَا
. (وَإِنْ تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ (عِنْدَ وَارِثِ) وَدِيعٍ (قَبْلَ إمْكَانَ رَدِّ) هَا إلَى رَبِّهَا لِنَحْوِ جَهْلٍ بِهَا أَوْ بِهِ (لَمْ يَضْمَنْهَا) إذَا لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ بَعْدَ إمْكَانَ رَدِّهَا (ضَمِنَ) لِتَأَخُّرِ رَدِّهَا مَعَ إمْكَانِهِ مَعَ حُصُولِهَا بِيَدِهِ بِلَا إيدَاعٍ، كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا وَنَحْوَهُ، وَبِخِلَافِ عَبْدٍ وَحَيَوَانٍ دَخَلَ دَارِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute