للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيَصِحُّ مَجْهُولًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ (لِمَنْ يَعْمَلُ) مُتَعَلِّقٌ بِجَعْلٍ (لَهُ) أَيْ الْجَاعِلِ (عَمَلًا) مُبَاحًا، بِخِلَافِ نَحْوِ زَمْرٍ وَزِنًا، (وَلَوْ) كَانَ الْعَمَلُ (مَجْهُولًا) كَمَنْ خَاطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا (أَوْ) لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ (مُدَّةً وَلَوْ مَجْهُولَةً) كَمَنْ حَرَسَ زَرْعِي. أَوْ أَذَّنَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَلَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا. وَ (كَمَنْ رَدَّ لُقَطَتِي أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ) مَنْ (أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا. أَوْ أَذَّنَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا. فَلَهُ كَذَا. أَوْ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ مَدِينِي) أَيْ: مِمَّنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ (فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا) ; لِأَنَّ الْجِعَالَةَ جَائِزَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَلْزَمَهُ مَجْهُولٌ، وَالْجِعَالَةُ نَوْعُ إجَارَةٍ لِوُقُوعِ الْعِوَضِ فِي نَظِيرِ النَّفْعِ، وَتَتَمَيَّزُ بِكَوْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْعَمَلَ، وَكَوْنِ الْعَقْدِ قَدْ يَقَعُ مُبْهَمًا لَا مَعَ مُعَيَّنٍ، وَبِجَوَازِ الْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. وَصَحَّ مَا ذَكَرَ مَعَ كَوْنِهِ تَعْلِيقًا. لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ. لَا تَعْلِيقَ مَحْضٍ وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ. لِأَنَّهُ يَسْتَقِرُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالْأُجْرَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا. لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ لَهُ بِالْقَرْضِ، وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْعَمَلِ لِلْجَاعِلِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا. فَلَا يَصِحُّ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ لَهُ الْأَمْرَانِ (فَمَنْ بَلَغَهُ) الْجُعْلُ (قَبْلَ فِعْلِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ الْمَجْعُولِ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعِوَضُ (اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْجُعْلَ (بِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ بَعْدَهُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ. فَإِنْ تَلِفَ فَلَهُ مِثْلُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ، وَلَا يَحْبِسُ الْعَامِلُ الْعَيْنَ حَتَّى يَأْخُذَهُ (وَ) مَنْ بَلَغَهُ الْجَعْلُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ (فَ) لَهُ مِنْ الْجُعْلِ (حِصَّةُ تَمَامِهِ) أَيْ: بِقِسْطِ مَا عَمِلَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (إنْ أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْجُعْلِ) ; لِأَنَّ عَمَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. فَلَا يَسْتَحِقُّ عَنْهُ عِوَضًا لِتَبَرُّعِهِ بِهِ.

(وَ) مَنْ بَلَغَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ (لَمْ يَسْتَحِقَّهُ) أَيْ: الْجُعْلَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِمَا سَبَقَ (وَحُرِّمَ) عَلَيْهِ (أَخْذُهُ) إلَّا إنْ تَبَرَّعَ لَهُ بِهِ رَبُّهُ بَعْدَ إعْلَامِهِ بِالْحَالِ، وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْعَمَلِ اشْتَرَكُوا فِي الْجَعْلِ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ هَذَا النَّقْبَ فَلَهُ دِينَارٌ. فَكُلُّ مَنْ دَخَلَهُ اسْتَحَقَّ دِينَارًا لِدُخُولِهِ كَامِلَا. بِخِلَافِ نَحْوِ رَدِّ لُقَطَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَامِلًا. كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ نَقَبَ السُّوَرَ فَلَهُ دِينَارٌ فَنَقَبَهُ ثَلَاثَةٌ اشْتَرَكُوا فِي الدِّينَارِ، وَإِنْ نَقَبَ كُلُّ وَاحِدٍ نَقْبًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ دِينَارًا، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّ آبِقِهِ دِينَارًا، وَلِعَمْرٍو عَلَى رَدِّهِ دِينَارَيْنِ، وَلِبَكْرٍ ثَلَاثَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>