وَإِنْجَائِهِ مِنْ نَحْوِ غَرَقٍ. فَإِنْ تَرَكَهُ جَمِيعُ مَنْ رَآهُ أَثِمُوا
. (وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مِمَّا مَعَهُ) إنْ كَانَ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِهِ وَمَا مَعَهُ فَهُوَ مَالُهُ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ (فَ) يُنْفَقُ عَلَيْهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ. قَالَ: " وَجَدْتُ مَلْقُوطًا فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ، فَقَالَ عَرِيفِي: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَاذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ ".
وَفِي لَفْظٍ " عَلَيْنَا رَضَاعُهُ " (فَإِنْ تَعَذَّرَ) أَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِكَوْنِ الْبَلَدِ لَيْسَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ أَوْ بِهِ وَلَا مَالَ بِهِ وَنَحْوُهُ (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (حَاكِمٌ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُتَبَرِّعٌ بِهَا ; لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بِلَا مِنَّةٍ تَلْحَقُهُ. أَشْبَهَ أَخْذَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَإِنْ اقْتَرَضَ الْحَاكِمُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ رَقِيقًا أَوْ لَهُ أَبٌ مُوسِرٌ. رَجَعَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَحَدٌ وَفَّى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ أَوْ الْأَخْذِ مِنْهُ لِنَحْوِ مَنْعٍ مَعَ وُجُودِ الْمَالِ فِيهِ (فَعَلَى مَنْ عَلِمَ) الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَلِمَا فِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ هَلَاكِهِ، وَحِفْظُهُ عَنْهُ وَاجِبٌ، كَإِنْقَاذٍ مِنْ الْغَرَقِ (وَلَا يَرْجِعُ) مَنْ أَنْفَقَ بِمَا أَنْفَقَهُ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ (فَهِيَ) أَيْ: النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَنَصَّ أَحْمَدُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَالَ النَّاظِمُ: إنْ نَوَى الرُّجُوعَ وَاسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ رَجَعَ عَلَى الطِّفْلِ بَعْدَ الرُّشْدِ. وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ
(وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ: اللَّقِيطِ إنْ وُجِدَ بِدَارِ إسْلَامٍ فِيهِ مُسْلِمٌ أَوْ مُسْلِمَةٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ، لِظَاهِرِ الدَّارِ وَتَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ. فَإِنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (وَ) يُحْكَمُ (بِحُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّينَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا، وَالرِّقُّ لِعَارِضٍ، الْأَصْلُ عَدَمُهُ (إلَّا أَنْ يُوجَدَ) اللَّقِيطُ (فِي بَلَدِ أَهْلِ حَرْبٍ وَلَا مُسْلِمَ فِيهِ. أَوْ فِيهِ مُسْلِمٌ كَتَاجِرٍ وَأَسِيرٍ فَ) هُوَ (كَافِرٌ رَقِيقٌ) ; لِأَنَّ الدَّارَ لَهُمْ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ كَانَ أَهْلُهَا مِنْهُمْ،، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَحْوُ تَاجِرٍ وَأَسِيرٍ غَلَبَ حُكْمُ الْأَكْثَرِ لِكَوْنِ الدَّارِ لَهُمْ (وَإِنْ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ) بِدَارِ حَرْبِ (فَ) لَقِيطُهَا (مُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ (أَوْ) إلَّا أَنْ يُوجَدَ اللَّقِيطُ (فِي بَلَدِ إسْلَامٍ كُلُّ أَهْلِهِ) أَهْلُ (ذِمَّةٍ) فَهُوَ (كَافِرٌ) لِأَنَّهُ لَا مُسْلِمَ بِهَا يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَتَغْلِيبُ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الِاحْتِمَالِ (وَإِنْ كَانَ بِهَا) أَيْ: بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ كُلٌّ أَهْلِ ذِمَّةٍ (مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (مِنْهُ) أَيْ: الْمُسْلِمِ (فَ) اللَّقِيطُ (مُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ وَلِظَاهِرِ الدَّارِ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَنْ) أَيْ: لَقِيطٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute