بِالْمَعْرُوفِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِنْ بَلَغَ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَا أُنْفِقَ أَوْ فِي التَّفْرِيطِ فِي الْإِنْفَاقِ فَقَوْلُ مُنْفِقٍ ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ
(وَ) لَهُ (قَبُولُ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ لَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ) لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (وَيَصِحُّ) أَيْ: يَجُوزُ (الْتِقَاطُ قِنٍّ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ) بَلْ يَجِبُ وَتَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ
(وَ) يَصِحُّ الْتِقَاطُ (ذِمِّيٍّ لِذِمِّيٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣]
. (وَيُقَرُّ) لَقِيطٌ (بِيَدِ مَنْ) الْتَقَطَهُ (بِالْبَادِيَةِ مُقِيمًا فِي حِلَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: بُيُوتٍ مُجْتَمِعَةٍ لِلِاسْتِيطَانِ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْقَرْيَةِ. فَإِنَّ أَهْلَهَا لَا يَرْحَلُونَ عَنْهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ (أَوْ) لَمْ يَكُنْ فِي حِلَّةٍ لَكِنَّهُ (يُرِيدُ نَقْلَهُ) أَيْ: اللَّقِيطِ (إلَى الْحَضَرِ) لِأَنَّهُ يَنْقُلُهُ مِنْ أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالشَّقَاءِ إلَى أَرْضِ الرَّفَاهِيَةِ وَالدِّينِ وَ (لَا) يُقَرُّ بِيَدِ مُلْتَقِطِهِ إنْ كَانَ (بَدَوِيًّا يَنْتَقِلُ فِي الْمَوَاضِعِ) ; لِأَنَّ فِيهِ إتْعَابًا لِلَّقِيطِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُدْفَعُ لِمَنْ يُقِرُّ بِهِ ; لِأَنَّهُ أَخَفُّ عَلَيْهِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ (مَنْ وَجَدَهُ فِي الْحَضَرِ فَأَرَادَ نَقْلَهُ إلَى الْبَادِيَةِ) ; لِأَنَّ مُقَامَهُ فِي الْحَضَرِ أَصْلَحُ لَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَبَقَاؤُهُ فِيهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ وَظُهُورِ أَهْلِهِ. فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَيْثُ وَجَدَهُ بِهِ إنَّهُ وُلِدَ فِيهِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُقَرُّ بِيَدِ وَاجِدِهِ (مَعَ فِسْقِهِ أَوْ رِقِّهِ أَوْ كُفْرِهِ وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِحَضَانَتِهِ. فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ كَافِرًا أُقِرَّ بِيَدِ وَاجِدِهِ الْكَافِرِ وَتَقَدَّمَ (وَإِنْ) كَانَ (الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ النَّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى أَوْ) إلَى (قَرْيَةٍ أَوْ) الْتَقَطَهُ مَنْ يُرِيدُ النَّقْلَةَ (مِنْ حِلَّةٍ إلَى حِلَّةٍ لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ) ; لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ حِلَّتِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَرَادَ النَّقْلَةَ بِهِ إلَى الْبَادِيَةِ (مَا لَمْ يَكُنْ الْمَحِلُّ الَّذِي كَانَ) أَيْ: وُجِدَ (بِهِ وَبِيئًا) أَيْ: وَخِيمًا (كَغَوْرِ بَيْسَانَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدِهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ (وَنَحْوِهِ) كَالْجُحْفَةِ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَيُقَرُّ اللَّقِيطُ بِيَدِ مَنْ أَرَادَ النَّقْلَةَ عَنْهَا إلَى بِلَادٍ لَا وَبَاءَ بِهَا أَوْ دُونَهَا فِي الْوَبَاءِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِي النَّقْلِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ مَتَى وَجَدَهُ فِي فَضَاءٍ خَالٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى حَيْثُ شَاءَ.
(وَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ وَمُقِيمٌ مِنْ مُلْتَقِطَيْنِ) لِلَقِيطٍ مَعًا (عَلَى ضِدِّهِمَا) فَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ عَلَى مُعْسِرٍ ; لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِلَّقِيطِ، وَمُقِيمٌ عَلَى مُسَافِرٍ ; لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ (فَإِنْ اسْتَوَيَا) بِأَنْ لَمْ يَتَّصِفْ أَحَدُهُمَا بِمَا يَكُونُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا إنْ تَشَاحَّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ عِنْدَهُمَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ. فَإِنْ تَهَايَأَهُ بِأَنْ جُعِلَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَضَرَّ بِالطِّفْلِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْذِيَةِ وَالْأُنْسِ وَالْأُلْفَةِ، وَدَفْعُهُ إلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ لِتَسَاوِي حَقِّهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute