أَشْهُرٍ، فَتَجْلِسُهُ فِي الرَّابِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَمَيِّزًا.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ دَمِهَا ثَخِينًا أَوْ أَسْوَدَ أَوْ مُنْتِنًا، وَصَلُحَ حَيْضًا بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ الْأَسْوَدُ مِنْهُ وَنَحْوُهُ دُونَ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، أَوْ جَاوَزَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (فَ) تَجْلِسُ (أَقَلَّ الْحَيْضِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (حَتَّى يَتَكَرَّرَ) دَمُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
(فَتَجْلِسُ) إذَا تَكَرَّرَ (مِنْ) مِثْلِ (أَوَّلِ وَقْتِ ابْتِدَائِهَا) إنْ عَلِمَتْهُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ سِتًّا أَوْ سَبْعًا بِتَحَرٍّ (أَوْ) تَجْلِسُ مِنْ (أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ إنْ جَهِلَتْهُ) أَيْ وَقْتَ ابْتِدَائِهَا بِالدَّمِ (سِتًّا أَوْ سَبْعًا) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا (بِتَحَرٍّ أَيْ بِاجْتِهَادٍ) فِي حَالِ الدَّمِ، وَعَادَةِ أَقَارِبِهَا مِنْ النِّسَاءِ، لِحَدِيثِ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً كَبِيرَةً قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ. فَقَالَ: تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، ثُمَّ اغْتَسِلِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ. وَعَمَلًا بِالْغَالِبِ
(وَإِنْ اُسْتُحِيضَتْ مَنْ لَهَا عَادَةٌ جَلَسَتْهَا) أَيْ عَادَتَهَا وَلَوْ كَانَ لَهَا تَمْيِيزٌ صَالِحٌ لِعُمُومِ «قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ حَبِيبَةَ: إذْ سَأَلَتْهُ عَنْ الدَّمِ اُمْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُك حَيْضَتُك، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَقْوَى، لِكَوْنِهَا لَا تُبْطِلُ دَلَالَتَهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ اللَّوْنِ إذَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ بَطُلَتْ دَلَالَتُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً.
و (لَا) تَجْلِسُ (مَا نَقَصَتْهُ) عَادَتُهَا (قَبْلَ) اسْتِحَاضَتِهَا فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ فَصَارَتْ أَرْبَعَةً، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ جَلَسَتْ الْأَرْبَعَةَ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ النَّقْصُ وَإِنَّمَا تَجْلِسُ الْمُسْتَحَاضَةُ عَادَتَهَا (إنْ عَلِمَتْهَا) بِأَنْ تَعْرِفَ شَهْرَهَا، وَيَأْتِي وَتَعْرِفَ وَقْتَ حَيْضِهَا مِنْهُ وَوَقْتَ طُهْرِهَا وَعَدَدَ أَيَّامِهَا (وَإِلَّا) تَعْلَمْ عَادَتَهَا بِأَنْ جَهِلَتْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ (عَمِلَتْ) وُجُوبًا (بِتَمْيِيزٍ صَالِحٍ) لِلْحَيْضِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَتَقَدَّمَ (وَلَوْ تَنَقَّلَ) التَّمْيِيزُ، بِأَنْ لَمْ يَتَوَالَ (أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ (وَلَا تَبْطُلُ دَلَالَتُهُ) أَيْ التَّمْيِيزِ الصَّالِحِ (بِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ) وَهُمَا الْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ وَالثَّخِينُ وَالرَّقِيقُ أَوْ الْمُنْتِنُ وَغَيْرُهُ (عَلَى شَهْرٍ) أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، نَحْوُ أَنْ تَرَى عَشَرَةً أَسْوَدَ وَثَلَاثِينَ فَأَكْثَرَ أَحْمَرَ دَائِمًا، فَتَجْلِسَ الْأَسْوَدَ لِأَنَّ الْأَحْمَرَ بِمَنْزِلَةِ الطُّهْرِ، وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ (وَلَا يُلْتَفَتُ لِتَمْيِيزٍ إلَّا مَعَ اسْتِحَاضَةٍ) فَتَجْلِسَ جَمِيعَ دَمٍ لَا يُجَاوِزُ أَكْثَرَ الْحَيْضِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ صِفَةً لِأَنَّهُ يَصْلُحُ حَيْضًا كُلُّهُ (فَإِنْ عُدِمَ) التَّمْيِيزُ وَجِهَاتُ عَادَتِهَا (فِ) هِيَ (مُتَحَيِّرَةٌ) لِتَحَيُّرِهَا فِي حَيْضِهَا، لِجَهْلِ عَادَتِهَا وَعَدَمِ تَمْيِيزِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute