وَسَكَتَ (فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِي) كَاَلَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ (ثُمَّ إنْ مَاتُوا جَمِيعًا صُرِفَ مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ) لِوَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ وَقْفًا فَإِنْ عَدِمُوا فَلِلْمَسَاكِينِ (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى وَلَدِهِ) ثُمَّ الْمَسَاكِينِ (أَوْ) وَقَفَ عَلَى (وَلَدِ غَيْرِهِ) كَعَلَى وَلَدِ زَيْدٍ (ثُمَّ الْمَسَاكِينِ دَخَلَ) الْأَوْلَادُ (الْمَوْجُودُونَ) حَالَ الْوَقْفِ وَلَوْ حَمْلًا (فَقَطْ) نَصًّا (الذُّكُورُ) مِنْهُمْ (وَالْإِنَاثُ) وَالْخَنَاثَى لِأَنَّ اللَّفْظَ يَشْمَلُهُمْ إذْ الْوَلَدُ مَصْدَرٌ أُرِيدَ مِنْهُ اسْمُ الْمَفْعُولِ أَيْ الْمَوْلُودُ (بِالسَّوِيَّةِ) لِأَنَّهُ شِرْكٌ بَيْنَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ وَكَوَلَدِ الْأُمِّ فِي الْمِيرَاثِ. وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَنْفِيٌّ بِلِعَانٍ، لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ كَوَلَدِ زِنًا. وَعَنْهُ يَدْخُلُ وَلَدٌ حَدَثٌ بِأَنْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْوَقْفِ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
(وَ) دَخَلَ (وَلَدُ الْبَنِينَ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ (وُجِدُوا حَالَةَ الْوَقْفِ أَوْ لَا كَوَصِيَّةٍ) لِوَلَدِ فُلَانٍ، فَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ الْمَوْجُودُونَ حَالَةَ الْوَصِيَّةِ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ وُجِدُوا حَالَةَ الْوَصِيَّةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَا مَنْ وُجِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ. هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْوَلَدَ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ إذَا خَلَا عَنْ قَرِينَةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ، وَلِأَنَّ وَلَدَ ابْنِهِ وَلَدٌ لَهُ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا بَنِي إسْرَائِيلَ} [البقرة: ٤٠] وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» وَقَالَ «نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ» وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا تُنْسَبُ إلَى جُدُودِهَا. وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقُلْ: عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي الَّذِينَ يَلُونَنِي. فَإِنْ قَالَهُ لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُ الْوَلَدِ بِلَا خِلَافٍ (وَيَسْتَحِقُّونَهُ مُرَتَّبًا) بَعْدَ آبَائِهِمْ فَيَحْجُبُ أَعْلَاهُمْ أَسْفَلَهُمْ (كَ) قَوْلِهِ: وَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَنَحْوَهُمْ مَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً، كَوَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ، كَعَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ فَلَا تَرْتِيبَ (وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ) فِي الْوَقْفِ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، بَلْ إلَى آبَائِهِمْ. قَالَ تَعَالَى: {اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] وَقَالَ الشَّاعِرُ:
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute