(كَوَقْفِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَمَّمَ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ) وُجُوبًا. لِأَنَّ التَّعْمِيمَ وَالتَّسْوِيَةَ كَانَا وَاجِبَيْنِ فِي الْجَمِيعِ. فَإِذَا تَعَذَّرَا فِي بَعْضٍ وَجَبَا فِيمَا لَمْ يَتَعَذَّرَا فِيهِ كَوَاجِبٍ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ (وَإِلَّا) يَكُنِ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، كَقُرَيْشٍ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ لَمْ يَجِبْ تَعْمِيمُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ. وَ (جَازَ التَّفْضِيلُ) بَيْنَهُمْ. لِأَنَّهُ إذَا جَازَ حِرْمَانُ بَعْضِهِمْ جَازَ تَفْضِيلُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ.
(وَ) جَازَ (الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ) مِنْهُمْ. لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ عَدَمُ مُجَاوَزَةِ الْجِنْسِ. وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالدَّفْعِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَالزَّكَاةِ (إنْ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَمْعٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَعَذَّرَ كَمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَصَارُوا قَبِيلَةً. فَيُعَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ) عَلَى (الْمَسَاكِينِ تَنَاوَلَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى إذَا اجْتَمَعَا فِي الذِّكْرِ (وَلَا يَدْفَعُ إلَى وَاحِدٍ) مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِمْ (أَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ زَكَاةٍ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ، كَالْفُقَرَاءِ أَوْ الرِّقَابِ أَوْ الْغَارِمِينَ أَوْ الْغُزَاةِ. لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا. فَيُعْطَى فَقِيرٌ وَمِسْكِينٌ تَمَامَ كِفَايَتِهِمَا مَعَ عَائِلَتِهِمَا سَنَةً. وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ مَا يَقْضِيَانِ بِهِ دَيْنَهُمَا. وَهَكَذَا (وَمَنْ وَجَدَ فِيهِ صِفَاتٍ) كَفَقِيرٍ هُوَ ابْنُ سَبِيلٍ وَغَارِمٍ (اسْتَحَقَّ بِهَا) أَيْ بِصِفَاتِهِ فَيُعْطِي مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيُوصِلُهُ إلَى بَلَدِهِ وَتَمَامُ كِفَايَتِهِ مَعَ عَائِلَتِهِ سَنَةً كَالزَّكَاةِ (وَمَا يَأْخُذُ الْفُقَهَاءُ مِنْهُ) أَيْ الْوَقْفِ (كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ. وَكَذَا الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَنْذُورِ لَهُ (لَا كَجُعْلٍ وَلَا كَأُجْرَةٍ) فَلَا يُنْقَصُ بِهِ الْأَجْرُ مَعَ الْإِخْلَاصِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ انْتَهَى. وَهَذَا فِي الْأَوْقَافِ الْحَقِيقِيَّةِ. أَمَّا الْأَوْقَافُ الَّتِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَأَوْقَافِ السَّلَاطِينِ فَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ التَّنَاوُلُ مِنْهَا. وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ الْمَشْرُوطَ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ بِالْمُوَافَقَةِ لِبَعْضِ الْمُعَامِرِينَ لَهُ. وَأَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ
(وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى الْقُرَّاءِ فَلِلْحُفَّاظِ) لِلْقُرْآنِ (وَعَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ. فَلِمَنْ عَرَفَهُ) وَلَوْ حَفِظَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا لَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ (وَعَلَى الْعُلَمَاءِ. فَلِحَمَلَةِ الشَّرْعِ) وَلَوْ أَغْنِيَاءَ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةً كَعُلَمَاءَ.
(وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى سُبُلِ الْخَيْرِ. فَلِمَنْ أَخَذَ مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) كَفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ وَابْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute