الصَّلَاةُ، كَالنَّوْمِ (أَوْ) كَانَ مُغَطًّى عَقْلُهُ (بِشُرْبِ) دَوَاءٍ فَيَقْضِي كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَأَوْلَى أَوْ كَانَ مُغَطًّى عَقْلُهُ بِشُرْبِ (مُحَرَّمٍ) اخْتِيَارًا، لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ.
فَلَا يُنَاسِبُهَا إسْقَاطُ الْوَاجِبِ، أَوْ كُرْهًا، إلْحَاقًا لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ (فَيَقْضِي) السَّكْرَانُ زَمَنَ سُكْرِهِ (حَتَّى زَمَنَ جُنُونٍ طَرَأَ) عَلَى السُّكْرِ (مُتَّصِلًا بِهِ) تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَقِيَاسُهُ. الصَّوْمُ وَغَيْرُهُ (وَيَلْزَمُ) مُتَيَقِّظًا (إعْلَامُ نَائِمٍ بِدُخُولِ وَقْتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (مَعَ ضِيقِهِ) أَيْ الْوَقْتِ.
وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ نَامَ قَبْلَ دُخُولِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} [لقمان: ١٧] وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا حَالَ كُفْرِهِ وَلَا بِقَضَائِهَا إذَا أَسْلَمَ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْفِيرِ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَإِلَّا فَهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ كَالتَّوْحِيدِ (وَلَا تَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ) لِعَدَمِ النِّيَّةِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ أَشْبَهَ الطِّفْلَ، حَتَّى لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَجُنَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا عَلَى الْأَبْلَهِ الَّذِي لَا يُفِيقُ.
(وَإِذَا صَلَّى) كَافِرٌ يَصِحُّ إسْلَامُهُ. حُكِمَ بِهِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْعِصْمَةَ تَثْبُتُ بِالصَّلَاةِ، وَهِيَ لَا تَكُونُ بِدُونِ الْإِسْلَامِ وَلِقَوْلِ أَنَسٍ " مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَصَلَّى صَلَاتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ. لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مَوْقُوفًا.
وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ " وَصَلَّى صَلَاتَنَا " أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَةً ; لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُصَلِّيًا بِدُونِهَا، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَشْرُوعَةِ تَخْتَصُّ بِشَرْعِنَا أَشْبَهَتْ الْأَذَانَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِدَارِ إسْلَامٍ أَوْ حَرْبٍ جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا، بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ أَذَّنَ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) أَيْ الْأَذَانِ (كَافِرٌ يَصِحُّ إسْلَامُهُ) وَهُوَ الْمُمَيِّزُ الَّذِي يَعْقِلُهُ (حُكِمَ بِهِ) أَيْ إسْلَامِهِ، لِإِتْيَانِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ. وَمَعْنَى الْحُكْمِ بِهِ: أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ بِمَقَابِرِنَا، وَوَرِثَهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ، دُونَ الْكُفَّارِ.
وَلَوْ أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى الْكُفْرِ، وَقَالَ: صَلَّيْت مُسْتَهْزِئًا وَنَحْوَهُ. لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ (وَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ) أَيْ الْكَافِرِ (ظَاهِرًا) فَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا: لِفَقْدِ شَرْطِهَا، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَاغْتَسَلَ وَصَلَّى بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ فَهِيَ صَحِيحَةٍ (وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ) لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْإِسْلَامُ، فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ. وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي صَلَاةٍ وَفِطْرٍ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute