للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَرِدْ بِتَخْصِيصِهِمْ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِمْ قِيَاسٌ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِعُمُومِهَا وَمَفْهُومُ حَدِيثِ «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» أَنَّ أَهْلَ الْمِلَّةِ الْوَاحِدَةِ يَتَوَارَثُونَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارُ فَيَبْعَثُ مَالُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثِهِ الْحَرْبِيِّ حَيْثُ عَلِمَ (وَهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارُ (مِلَلٌ شَتَّى لَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ. لِحَدِيثِ «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» وَهُوَ مُخَصَّصٌ لِلْعُمُومَاتِ وَقَالَ الْقَاضِي. الْكُفْرُ ثَلَاثُ مِلَلٍ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ وَدِينُ مَنْ عَدَاهُمْ ; لِأَنَّ مَنْ عَدَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ أَنَّهُ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَرُدَّ بِافْتِرَاقِ حُكْمِهِمْ، فَإِنَّ الْمَجُوسَ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ وَغَيْرَهُمْ لَا يُقِرُّ بِهَا، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي مَعْبُودَاتِهِمْ وَمُعْتَقِدَاتِهِمْ وَآرَائِهِمْ، يَسْتَحِلُّ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَيُكَفِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

(وَلَا) يَرِثُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (بِنِكَاحٍ) أَيْ: عَقْدِ تَزْوِيجٍ (لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا) وَلَوْ اعْتَقَدُوهُ كَالنَّاكِحِ لِمُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَكَالْمَجُوسِ يَتَزَوَّجُ ذَوَاتَ مَحَارِمِهِ ; لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا التَّزْوِيجِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ كَعَدَمِهِ. فَإِنْ كَانُوا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَاعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ تَوَارَثُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ أَنْكِحَتِنَا كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةٍ انْقَضَتْ وَنَحْوِهِ

(وَمُخَلَّفُ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ: مَتْرُوكُ (مُكَفَّرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ: مَنْ اعْتَقَدَ أَهْلُ الشَّرْعِ أَنَّهُ كَافِرٌ (بِبِدْعَةٍ كَجَهْمِيٍّ) وَاحِدُ الْجَهْمِيَّةِ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الْقَائِلُ بِالتَّعْطِيلِ (وَنَحْوِهِ) كَالْمُشَبِّهَةِ (إذَا لَمْ يَتُبْ) مِنْ بِدْعَتِهِ الَّتِي كَفَرَ بِهَا فَيْءٌ: وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ يُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةُ (وَ) مُخَلَّفُ (مُرْتَدٍّ) لَمْ يَتُبْ (وَزِنْدِيقٍ وَهُوَ الْمُنَافِقُ) الَّذِي يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُخْفِي الْكُفْرَ (فَيْءٌ) يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ ; لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَلَا أَقَارِبُهُ الْكُفَّارُ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ، ; لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي حُكْمِهِمْ وَلَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ لَوْ كَانَ امْرَأَةً (وَلَا يَرِثُونَ) أَيْ: الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ بِبِدْعَةٍ أَوْ وَرِدَّةٍ أَوْ زَنْدَقَةٍ (أَحَدًا) مُسْلِمًا وَلَا كَافِرًا ; لِأَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ. فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ حُكْمُ دِينٍ مِنْ الْأَدْيَانِ

(وَيَرِثُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ) مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ نِكَاحَ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ (أَسْلَمَ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِ) إنْ أَمْكَنَ نَصًّا. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ. فَإِذَا كَانَتْ الْأُمُّ أُخْتًا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا فِي الْآيَتَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>