فَإِنْ مَلَكَهُ لَمْ يَمْلِكْ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَهُوَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا مَعَ حُصُولِ سَبَبِهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَ (لَا) يَمْلِكُ مُكَاتَبٌ (فَسْخَهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ لِلُزُومِهَا (فَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْوَفَاءَ مُكَاتَبٌ (أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ) لِسَيِّدِهِ (ثُمَّ عَتَقَ) بِأَدَائِهِ وَلَا يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ لِلْخَبَرِ، وَلِجَوَازِ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ أَدَائِهِ فَيَفُوتُ عَلَى السَّيِّدِ
(فَإِنْ مَاتَ) مُكَاتَبٌ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَفَاءِ (انْفَسَخَتْ) وَلَوْ مَلَكَ وَفَاءً لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا فَمَالُهُ جَمِيعُهُ لِسَيِّدِهِ (وَيَصِحُّ فَسْخُهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يَتَقَايَلَا أَحْكَامَهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْكَافِي.
وَفِي الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
(وَلَوْ زَوَّجَ) السَّيِّدُ (امْرَأَةً تَرِثُهُ) إنْ مَاتَ (مِنْ مُكَاتَبِهِ وَصَحَّ) النِّكَاحُ بِأَنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ لَا لِلصِّحَّةِ، أَوْ حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا (وَكَذَا لَوْ وَرِثَ) زَوْجٌ حُرٌّ (زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ) زَوْجَةً (غَيْرَهَا) أَوْ جُزْءًا مِنْهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ. لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ فَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ
(وَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ) السَّيِّدُ (إلَى مَنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ) كُلَّهَا (رُبْعَهَا) أَمَّا وُجُوبُ الْإِيتَاءِ بِلَا تَقْدِيرٍ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَأَمَّا كَوْنُهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ فَلِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] قَالَ «رُبْعُ الْكِتَابَةِ» .
وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ إيتَاؤُهُ بِالشَّرْعِ مُوَاسَاةً فَكَانَ مُقَدَّرًا كَالزَّكَاةِ. وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ وَفَارَقَتْ الْكِتَابَةُ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْعُقُودِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ
(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ (قَبُولُ بَدَلِهِ) أَيْ رُبْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ إنْ دَفَعَهُ سَيِّدُهُ لَهُ (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَأَعْطَاهُ عَنْ رُبْعِهَا دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ أَعْطَاهُ عَنْهَا عُرُوضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْإِيتَاءِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَتَسَاوَيَا فِي الْإِجْزَاءِ كَالزَّكَاةِ، وَغَيْرُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ أُلْحِقَ بِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى مِنْ عَيْنِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ
(فَلَوْ وَضَعَ) السَّيِّدُ عَنْ مُكَاتَبِهِ مِنْ مَالِ كِتَابَتِهِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الرُّبْعِ جَازَ لِتَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ الْآيَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّفْعِ وَأَعْوَنُ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ (أَوْ عَجَّلَهُ) أَيْ إيفَاءَ الرُّبْعِ لِلْمُكَاتَبِ سَيِّدُهُ (جَازَ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ وَكَالزَّكَاةِ وَوَقْتُ الْوُجُوبِ: عِنْدَ الْعِتْقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute