ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ «ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ إتْلَافٌ حَصَلَ بِسَبَبِ حَاجَةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَهِيَ الْوَطْءُ فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ.
(وَإِنْ وَضَعَتْ) أَمَةٌ مِنْ مَالِكِهَا أَوْ أَبِيهِ (جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ كَالْمُضْغَةِ وَنَحْوِهَا) كَالْعَلَقَةِ (لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ. فَإِنْ شَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ النِّسَاءِ بِأَنَّ فِي هَذَا الْجِسْمِ صُورَةً خَفِيَّةً تَعَلَّقَتْ بِهَا الْأَحْكَامُ لِاطِّلَاعِهِنَّ عَلَى مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِنَّ (وَإِنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ شُبْهَةٍ (لَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا عَتَقَ الْحَمْلُ) لِأَنَّهُ وَلَدُهُ (وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) نَصًّا لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الرِّقُّ، خُولِفَ فِيمَا إذَا حَمَلَتْ بِهِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهَا فَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ. وَإِنْ زَنَا بِأَمَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ كَأَجْنَبِيٍّ مِنْهُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ
(وَمَنْ مَلَكَ) أَمَةً (حَامِلًا) مِنْ غَيْرِهِ (فَوَطِئَهَا) قَبْلَ وَضْعِهَا (حَرُمَ) عَلَيْهِ (بَيْعُ الْوَلَدِ) وَلَمْ يَصِحَّ (وَيُعْتِقُهُ) نَصًّا. لِأَنَّهُ قَدْ شُرِكَ فِيهِ. لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَأَنَّهُ يَسْرِي كَالْعِتْقِ أَيْ لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً (وَيَصِحُّ قَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ أُمُّ وَلَدِي لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّ جُزْءًا مِنْهَا مُسْتَوْلِدٌ يُلْزِمُهُ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيلَادِهَا كَقَوْلِهِ يَدُك حُرَّةٌ (أَوْ) أَيْ وَكَذَا قَوْلُهُ (لِابْنِهَا) أَيْ ابْنِ أَمَتِهِ (يَدُك ابْنِي) فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ ابْنِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدْتِيهِ فِي مِلْكِي لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى وِلَادَتِهَا لَهُ فِي مِلْكِهِ.
وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ (وَأَحْكَامُ أُمِّ وَلَدٍ كَ) أَحْكَامِ (أَمَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (فِي إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ وَسَائِرِ أُمُورِهَا) كَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ. أَشْبَهَتْ الْقِنَّ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» وَقَوْلِهِ «فَهِيَ مُعْتَقَةٌ مِنْ بَعْدِهِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي الرِّقِّ (إلَّا فِي تَدْبِيرٍ) فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَبَيْعٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ (غَيْرِ كِتَابَةٍ) فَتَصِحُّ كِتَابَتُهَا وَيُقَدَّمُ (وَكَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ: لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا السَّيِّدُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute