شَهْوَةٍ لَا يَخَافُ زِنًا) مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. خَاطَبَ الشَّبَابَ لِأَنَّهُمْ أَغْلَبُ شَهْوَةً (وَاشْتِغَالُهُ) أَيْ ذِي الشَّهْوَةِ (بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ (أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ) لِظَاهِرِ قَوْلِ الصَّحَابَةِ وَفِعْلِهِمْ: قَالَ ابْنُ مَسْكَوَيْهِ (لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا وَمَا لِي فِيهِنَّ طَوْلُ النَّكْحِ لَتَزَوَّجْت مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: تَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَحْصِينِ فَرْجِ نَفْسِهِ وَزَوْجَتِهِ وَحِفْظِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَإِيجَادِ النَّسْلِ وَتَحْقِيقِ مُبَاهَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ
(وَيُبَاحُ) النِّكَاحُ (لِمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ) أَصْلًا كَعِنِّينٍ أَوْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ لِعَارِضٍ كَمَرَضٍ وَكِبَرٍ. لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ التَّحْصِينُ وَالْوَلَدُ وَكَثْرَةُ النَّسْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهِ فَلَا يَنْصَرِفُ الْخِطَابُ بِهِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا فِي حَقِّهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ لِعَدَمِ مَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ فَتَخَلِّيهِ لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ لِمَنْعِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ التَّحْصِينِ بِغَيْرِهِ وَإِضْرَارِهَا بِحَبْسِهَا عَلَى نَفْسِهِ وَتَعْرِيضِ نَفْسِهِ لِوَاجِبَاتٍ وَحُقُوقٍ لَعَلَّهُ لَا يَقُومُ بِهَا وَيَشْتَغِلُ عَنْ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ بِمَا لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ
(وَيَجِبُ) النِّكَاحُ بِنَذْرٍ وَ (عَلَى مَنْ يَخَافُ) بِتَرْكِهِ (زِنًا) وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ (وَلَوْ) كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ (ظَنًّا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَوْنُهَا عَنْ الْحَرَامِ وَطَرِيقُهُ النِّكَاحُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَادِرِ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَالْعَاجِزِ عَنْهُ وَاحْتُجَّ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ وَيُمْسِي وَمَا عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «زَوَّجَ رَجُلًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ وَلَا وَجَدَ إلَّا إزَارَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِدَاءٌ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ فِي الشَّارِحِ: وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يُمْكِنُهُ التَّزْوِيجُ فَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُهُ. فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٣] انْتَهَى. وَنَقَلَ صَالِحٌ يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ وَمَنْ أَمَرَهُ بِهِ وَالِدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلْيَتَزَوَّجْ نَصًّا. (وَيُقَدَّمُ) النِّكَاحُ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُوبِهِ (عَلَى حَجٍّ وَاجِبٍ) زَاحَمَهُ خَشْيَةَ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ (وَلَا يَكْتَفِي) فِي الْخُرُوجِ مِنْ وُجُوبِ النِّكَاحِ حَيْثُ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَلَا (بِمَرَّةٍ) أَيْ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ مَرَّةً (بَلْ يَكُونُ) التَّزْوِيجُ (فِي مَجْمُوعِ الْعُمُرِ) لِيَحْصُلَ الْإِعْفَافُ وَصَرْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute