الْأَمْرُ أَمْرَهَا وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُرْوَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَائِشَةَ إلَى أَبِي بَكْرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا مُرْسَلًا. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَرْسَلَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنِي وَأَجَبْتُهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا. فَإِنْ خَطَبَ كَافِرٌ كِتَابِيَّةً لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهَا عَلَى مُسْلِمٍ نَصًّا، وَقَالَ «لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يُسَاوِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ خَطَبَ عَلَى خِطْبَةِ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ سَاوَمَ عَلَى سَوْمِهِمْ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ
(وَفِي تَحْرِيمِ خِطْبَةِ مَنْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) مُسْلِمٍ (احْتِمَالَانِ) أَحَدُهُمَا تَحْرُمُ كَمَا لَوْ خُطِبَتْ فَأَجَابَتْ، وَالثَّانِي لَا تَحْرُمُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْطِبْهَا أَحَدٌ وَهُمَا لِلْقَاضِي. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ، الْأَظْهَرُ التَّحْرِيمُ (وَيَصِحُّ عَقْدٌ مَعَ خِطْبَةٍ حَرُمَتْ) لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ تَقَدُّمُ حَظْرٍ عَلَى الْعَقْدِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَدَّمَ عَلَيْهِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا مُحَرَّمًا
(وَيُسَنُّ عَقْدُ النِّكَاحِ مَسَاءَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ يَوْمٌ شَرِيفٌ وَيَوْمُ عِيدٍ وَالْبَرَكَةُ فِي النِّكَاحِ مَطْلُوبَةٌ فَاسْتُحِبَّ لَهُ أَشْرَفُ الْأَيَّامِ طَلَبًا لِلْبَرَكَةِ وَالْإِمْسَاءُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ مَرْفُوعًا «أَمْسُوا بِالْإِمْلَاكِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» وَلِأَنَّ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، فَاسْتُحِبَّ الْعَقْدُ فِيهَا لِأَنَّهَا أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ وَأَحْرَى لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَهُمَا.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يَخْطُبَ) الْعَاقِدُ (قَبْلَهُ) أَيْ النِّكَاحِ.
وَفِي الْغُنْيَةِ إنْ أُخِّرَتْ جَازَتْ.
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مَعَ النِّسْيَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ (بِخُطْبَةِ) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ مَسْعُودٍ) وَهِيَ مَا رَوَاهُ " قَالَ: «عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَهُّدَ فِي الْحَاجَةِ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيذُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يَضْلِلْ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ» فَفَسَّرَهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] الْآيَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ،.
وَرُوِيَ أَنَّ أَحْمَدَ كَانَ إذَا حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ وَلَمْ يُخْطَبْ فِيهِ بِخُطْبَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَامَ وَتَرَكَهُمْ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُبَالَغَةِ فِي اسْتِحْبَابِهَا لَا عَلَى إيجَابِهَا (وَيُجْزِي) عَنْ هَذِهِ الْخُطْبَةِ (أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute