لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا فَدَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ وَهِيَ الْبِكْرُ فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هُنَا وَالِاسْتِئْذَانَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ
(وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْبِكْرِ إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ لِمَا سَبَقَ (مَعَ) اسْتِئْذَانِ (أُمِّهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَمِّرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ) وَلَوْ بِكْرًا (كُفْؤًا لَا بِتَعْيِينِ أَبٍ) نَصًّا فَإِنْ عَيَّنَتْ غَيْرَ كُفْؤٍ قُدِّمَ تَعْيِينُ الْأَبِ.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (مَجْنُونَةً وَلَوْ) كَانَتْ (بِلَا شَهْوَةٍ) أَوْ كَانَتْ (ثَيِّبًا أَوْ بَالِغَةً) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ انْتَفَتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ بِخِيَرَةِ نَظَرِهَا لِنَفْسِهَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ (وَيُزَوِّجُهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةَ (مَعَ شَهْوَتِهَا كُلُّ وَلِيٍّ) لِحَاجَتِهَا إلَى النِّكَاحِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ وَتَحْصِيلْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفَافِ وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ وَتُعْرَفُ شَهْوَتُهَا مِنْ كَلَامِهَا وَقَرَائِنِ أَحْوَالِهَا كَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (ابْنًا صَغِيرًا) أَيْ غَيْرَ بَالِغٍ. لِمَا رُوِيَ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَاخْتَصَمُوا إلَى زَيْدٍ. فَأَجَازَاهُ جَمِيعًا " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلَهُ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ ابْنًا (بَالِغًا مَجْنُونًا) مُطْبِقًا وَمَعْتُوهًا (وَلَوْ) كَانَ (بِلَا شَهْوَةٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ. فَإِنَّهُ إذَا جَازَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَتَوَقُّعِ نَظَرِهِ فَعِنْدَ حَاجَتِهِ أَوْلَى. وَبِمَا كَانَ النِّكَاحُ دَوَاءً لَهُ يُرْجَى بِهِ شِفَاؤُهُ وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيوَاءِ وَالْحِفْظِ وَيَأْتِي أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِمَصْلَحَةٍ.
(وَيُزَوِّجُهُمَا) أَيْ الصَّغِيرَ وَالْبَالِغَ الْمَجْنُونَ (مَعَ عَدَمِ أَبٍ) لَهُمَا (وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَقَالَهُ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (فَإِنْ عُدِمَ) وَصِيُّ الْأَبِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ) إلَى نِكَاحِهِمَا (فَحَاكِمٌ) يُزَوِّجُهُمَا لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِمَا بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَمَنْ يَتَحَقَّقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إذَا بَلَغَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ. وَمَنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ لَمْ تَثْبُتْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَاقِلِ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ سَامٍّ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ فَكَالْعَاقِلِ (وَيَصِحُّ قَبُولُ) صَبِيٍّ (مُمَيِّزٍ لِنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) كَتَوَلِّيهِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (وَلِكُلِّ وَلِيٍّ) مِنْ أَبٍ وَوَصِيِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute