للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَةَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (وَلِيُّهَا فِي مَالِهَا) لِمَصْلَحَةٍ، لِأَنَّ الْأَمَةَ مَالٌ وَالتَّزْوِيجَ تَصَرُّفٌ فِيهَا، وَكَذَا أَمَةُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ.

(وَ) يُزَوِّجُ أَمَةً لِ (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الْمُكَلَّفَةُ الرَّشِيدَةُ (مَنْ يُزَوِّجُ سَيِّدَتَهَا) أَيْ وَلِيُّ سَيِّدَتِهَا فِي النِّكَاحِ لِامْتِنَاعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي حَقِّهَا، لِأُنُوثَتِهَا فَثَبَتَتْ لِأَوْلِيَائِهَا كَوِلَايَةِ نَفْسِهَا. وَلِأَنَّهُمْ يَلُونَهَا لَوْ عَتَقَتْ فَفِي حَالِ رِقِّهَا أَوْلَى (بِشَرْطِ إذْنِهَا) أَيْ السَّيِّدَةِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِهَا وَلَا يُتَصَرَّفُ فِي مَالِ رَشِيدَةٍ بِغَيْرِ إذْنِهَا (نُطْقًا وَلَوْ كَانَتْ) سَيِّدَتُهَا (بِكْرًا) لِأَنَّهُ إنَّمَا اُكْتُفِيَ بِصُمَاتِهَا فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا لِحَيَائِهَا وَلَا تَسْتَحِي فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا (وَلَا إذْنَ لِمَوْلَاةِ مُعْتَقَةٍ) فِي تَزْوِيجِهَا لِمِلْكِهَا نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ، وَلَيْسَتْ الْمُعْتِقَةُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ (وَيُزَوِّجُهَا) أَيْ الْعَتِيقَةَ (بِإِذْنِهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ (أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا) أَيْ الْعَتِيقَةِ نَسَبًا كَحُرَّةِ الْأَصْلِ، فَإِنْ عُدِمُوا فَعَصَبَتُهَا وَلَاءً كَالْمِيرَاثِ وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمَوْلَاةِ عَلَى أَبِيهَا، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ بِمُقْتَضَى وَلَاءِ الْعِتْقِ. وَالْوَلَاءُ يُقَدَّمُ فِيهِ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ (وَيُجْبِرُهَا) أَيْ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ (مَنْ يُجْبِرُ مَوْلَاتَهَا) عَلَى النِّكَاحِ، فَلَوْ كَانَتْ الْعَتِيقَةُ بِكْرًا وَلِمَوْلَاتِهَا أَبٌ أَجْبَرَهَا كَمَوْلَاتِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرْت مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ

(وَالْأَحَقُّ بِإِنْكَاحِ حُرَّةٍ) مِنْ أَوْلِيَاءِ (أَبُوهَا) لِأَنَّ الْوَلَدَ مَوْهُوبٌ لِأَبِيهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء: ٩٠] وَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْمَوْهُوبِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَكْمَلُ نَظَرًا وَأَشَدُّ شَفَقَةً. وَتَأْتِي الْأَمَةُ (فَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا) أَيْ الْجَدُّ لِلْأَبِ، وَإِنْ عَلَا فَيُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ وَابْنِهِ، لِأَنَّ لَهُ إيلَادًا أَوْ تَعْصِيبًا، فَقُدِّمَ عَلَيْهِمَا كَالْأَبِ فَإِنْ اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ فَأَوْلَاهُمْ أَقْرَبُهُمْ كَالْجَدِّ مَعَ الْأَبِ (فَابْنُهَا) أَيْ الْحُرَّةِ (فَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ) يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.

لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «فَإِنَّهَا لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَرْسَلَ إلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطِبُهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدٌ: قَالَ: لَيْسَ مِنْ أَوْلِيَائِك شَاهِدٌ، وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ. فَقَالَتْ: قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ " حِينَ «زَوَّجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ أُمَّ سَلَمَةَ أَلَيْسَ كَانَ صَغِيرًا؟ قَالَ: وَمَنْ يَقُول كَانَ صَغِيرًا؟ أَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ» وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ مِنْ عَصَبَتِهَا فَثَبَتَتْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا كَأَخِيهَا فَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ (فَ) أَخٌ (لِأَبٍ) لِأَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ حَقٌّ يُسْتَفَادُ بِالتَّعْصِيبِ فَقُدِّمَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>