وَقَوْلِهِ: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] (غَيْرُ حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَلَوْ حَرْبِيَّةً (أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ مَنْ دَانَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ خَاصَّةً.
(وَلَوْ) كَانَ أَبَوَاهَا (مِنْ بَنِي تَغْلِبَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ) مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ (حَتَّى تُسْلِمَ) الْكَافِرَةُ فَتَحِلَّ بَعْدَ إسْلَامِهَا لِلْمُسْلِمِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ حِلِّ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا لِمُسْلِمٍ وَلَوْ اخْتَارَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَا لَوْ تَوَلَّدَتْ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ وَكَذَا الدُّرُوزُ وَنَحْوُهُمْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ.
(وَمُنِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ) إكْرَامًا لَهُ (كَ) مَا مُنِعَ مِنْ نِكَاحِ (أَمَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُبَاحُ لَهُ مِلْكُ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ مُشْرِكَةً وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ (وَلِكِتَابِيٍّ نِكَاحُ مَجُوسِيَّةٍ و) لَهُ (وَطْؤُهَا بِمَلْكِ يَمِينٍ) قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلِمِ يَنْكِحُ الْكِتَابِيَّةَ وَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَ (لَا) يَحِلُّ نِكَاحُ (مَجُوسِيٍّ لِكِتَابِيَّةٍ) نَصًّا ; لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهُ.
(وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَنَتَ الْعُزُوبِيَّةِ لِحَاجَةِ الْمُتْعَةِ أَوْ) حَاجَةِ (خِدْمَةِ) امْرَأَةٍ لَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا نَصًّا، وَأَدْخَلَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ إذَا كَانَ لَهُ شَهْوَةٌ يَخَافُ مَعَهَا مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْمُبَاشَرَةِ حَرَامًا وَهُوَ عَادِمٌ الطَّوْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ خَوْفُ عَنَتِ الْعُزُوبِيَّةِ (مَعَ صِغَرِ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ غَيْبَتِهَا أَوْ مَرَضِهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ نَصًّا.
(وَلَا يَجِدُ طَوْلًا) أَيْ مَالًا (حَاضِرًا يَكْفِي لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (كِتَابِيَّةً لَا غَائِبًا وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضِ بُضْعِهَا أَوْ وُهِبَ لَهُ فَتَحِلُّ) لَهُ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ خَوْفَ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: ٢٥]- إلَى قَوْلِهِ - {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] وَالصَّبْرُ عَنْ إنْكَاحِهَا مَعَ الشَّرْطَيْنِ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [النساء: ٢٥] وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ. وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ كَافِرَةً وَلَوْ كِتَابِيَّةً لَمْ تَحِلَّ لِلْمُسْلِمِ لِلْآيَةِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَوْ وَجَدَ مَالًا وَلَمْ يُزَوَّجْ لِقُصُورِ نَسَبِهِ فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَيْ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعِ الطَّوْلِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute