للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخِيهَا وَابْنُ أُخْتِهَا. وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كَانَ زَوْج بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ لِبَنِي الْمُغِيرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمُغِيثُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ قَالَا فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ: إنَّهُ عَبْدٌ، رِوَايَةُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَعَمَلِهِمْ، وَإِذَا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَدِيثًا وَعَمِلُوا بِهِ فَهُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنَّهُ حُرٌّ عَنْ الْأَسْوَدِ وَحْدَهُ، قَالَ: وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فَلَا يُفْسَخُ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَالْحُرُّ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَالْعَبْدُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَيُخَالِفُ الْحُرُّ الْعَبْدَ ; لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فَإِذَا كَمَلَتْ تَحْتَهُ تَضَرَّرَتْ بِبَقَائِهَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْحُرِّ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ بِأَنْ عَتَقَتْ بَعْضُهَا أَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُبَعَّضٍ فَلَا فَسْخَ (أَوْ عَتَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (مَعًا) بِأَنْ كَانَا لِوَاحِدٍ فَأَعْتَقَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كَانَا لِاثْنَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ وَكَّلَا وَاحِدًا فَأَعْتَقَهُمَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (فَلَا) فَسْخَ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَعْتِقْ كُلُّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ (فَتَقُولُ) الْعَتِيقَةُ إنْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ (فَسَخْتُ نِكَاحِي أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي) أَوْ اخْتَرْتُ فِرَاقَهُ.

(وَ) قَوْلُهَا (طَلَّقْتُهَا) أَيْ طَلَّقْتُ نَفْسِي (كِنَايَةً عَنْ الْفَسْخِ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا إنْ نَوَتْ بِهِ الْفُرْقَةَ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَى الْفَسْخِ فَصَلُحَ كَوْنُهُ كِنَايَةً عَنْهُ كَالْكِنَايَةِ بِالْفَسْخِ عَنْ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ فَسْخُهَا نِكَاحِهَا إنْ نَوَتْ بِهِ الْفُرْقَةَ طَلَاقًا. لِحَدِيثِ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» وَكَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يَنْفَسِخُ بِهِ نِكَاحُهَا وَلَهَا الْفَسْخُ (وَلَوْ مُتَرَاخِيًا) كَخِيَارِ الْعَيْبِ (مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى رِضًا) بِالْمُقَامِ مَعَهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأُخْتِهِ حَفْصَةَ.

لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد " «إنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيثٍ عَبْدٍ لِآلِ بَنِي مُحَمَّدٍ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ لَهَا: إنْ قَرِبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ» وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ لِابْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ (وَلَا يَحْتَاجُ) نُفُوذُ (فَسْخِهَا لِحُكْمِ حَاكِمٍ) لِلْإِجْمَاعِ وَعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلِاجْتِهَادِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَافْتَقَرَ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَالْفَسْخِ لِلْإِعْسَارِ.

(فَإِنْ عَتَقَ) زَوْجُ عَتِيقَةٍ (قَبْلَ فَسْخٍ) بَطَلَ خِيَارُهَا لِزَوَالِ عِلَّتِهِ وَهِيَ الرِّقُّ (أَوْ مَكَّنَتْهُ) أَيْ الرَّقِيقَ الْعَتِيقَةُ (مِنْ وَطْئِهَا أَوْ) مِنْ (مُبَاشَرَتِهَا وَنَحْوِهِ) كَقُبْلَتِهَا (وَلَوْ جَاهِلَةً عِتْقَهَا أَوْ) جَاهِلَةً (مِلْكَ الْفَسْخِ بَطَلَ خِيَارُهَا) لِحَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا يُحَدِّثُونَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا إنْ شَاءَتْ فَارَقَتْ فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا»

<<  <  ج: ص:  >  >>