فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهِ " وَلَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا ".
قَالَ الْقَاضِي حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِمَا وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ الْمَهْرُ وَاسْتِقْرَارُهُ بِالْخَلْوَةِ بِقِيَاسِهِ عَلَى النِّكَاحِ الصَّحِيحِ.
(وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَطْءٍ وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مَجْنُونٍ فِي) نِكَاحٍ (بَاطِلٍ إجْمَاعًا) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ (أَوْ) وَطْءٍ (بِشُبْهَةٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً عَالِمَةً مُطَاوِعَةً فِيهِمَا (أَوْ) وَطْءِ (مُكْرَهَةٍ عَلَى الزِّنَا) إنْ كَانَ الْوَطْءُ (فِي قُبُلٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا» أَيْ: نَالَ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِحْلَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحِلِّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَهُوَ الْوَطْءُ ; وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِبُضْعٍ بِغَيْرِ رِضَا مَالِكِهِ، فَأَوْجَبَ الْقِيمَةَ وَهِيَ الْمَهْرُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ. وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ دُخُولٍ، وَظَنَّ أَنَّهَا لَمْ تَبِنْ مِنْهُ بِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ (دُونَ أَرْشِ بَكَارَةٍ) فَلَا يَجِبُ مَعَ الْمَهْرِ ; لِأَنَّ الْأَرْشَ يَدْخُلُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِبِكْرٍ مِثْلِهَا فَلَا يَجِبُ مَرَّةً أُخْرَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَجْنَبِيَّةً أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ ; لِأَنَّ مَا ضُمِنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ضُمِنَ لِلْقَرِيبِ كَالْمَالِ بِخِلَافِ اللِّوَاطِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى أَحَدٍ لِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِبَدَلِهِ وَلَا هُوَ إتْلَافٌ لِشَيْءٍ فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ، وَالْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ.
(وَيَتَعَدَّدُ) مَهْرٌ فِي وَطْءِ شُبْهَةٍ (بِتَعَدُّدِ شُبْهَةٍ) كَانَ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ زَيْنَبُ ثُمَّ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا سُرِّيَّتُهُ فَيَجِبُ لَهَا ثَلَاثَةُ مُهُورٍ فَإِنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ (وَ) يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ (إكْرَاهٍ) عَلَى زِنًا وَإِنْ اتَّحَدَ الْإِكْرَاهُ، وَتَعَدَّدَ الْوَطْءُ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ (، وَيَجِبُ) مَهْرٌ (بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ) كَالْحَيَّةِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ و (لَا) يَجِبُ مَهْرٌ بِوَطْءِ (مُطَاوِعَةٍ) عَلَى زِنًا ; لِأَنَّهُ إتْلَافُ بُضْعٍ بِرِضَا مَالِكِهِ فَلَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ (غَيْرَ أَمَةٍ) فَيَجِبُ لِسَيِّدِهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى زَانٍ بِهَا وَلَوْ مُطَاوِعَةً ; لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بُضْعَهَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِطَوَاعِيَتِهَا (أَوْ) غَيْرَ (مُبَعَّضَةٍ) طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهَا بِمُطَاوَعَتِهَا بَلْ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا (بِقَدْرِ رِقٍّ) ; لِأَنَّ رِضَاهَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهَا مِنْ مَهْرِهَا.
(وَعَلَى مَنْ أَذْهَبَ عُذْرَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ: بَكَارَةَ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: غَيْرِ زَوْجَتِهِ (بِلَا وَطْءٍ أَرْشُ بَكَارَتِهَا) ; لِأَنَّهُ إتْلَافُ جُزْءٍ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَقْدِيرِ عِوَضِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَرْشِهِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَهُوَ مَا بَيْنَ مَهْرِهَا بِكْرًا، وَثَيِّبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute