فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَّقْتُك دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا (أَوْ) قَالَ (طَالِقًا) ، وَأَرَادَ (مِنْ وَثَاقٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَكَسْرِهَا مَا يُوثَقُ بِهِ الشَّيْءُ مِنْ حَبْلٍ، وَغَيْرِهِ (أَوْ) قَالَ طَالِقًا، وَأَرَادَ (مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلَهُ) أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ (، وَادَّعَى ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذُكِرَ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا (أَوْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ قُمْت ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَقَعَدْتِ أَوْ نَحْوَهُ) كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ، وَقَدِمَ الْحَاجُّ (فَتَرَكْتُهُ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا دِينَ) فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِلَفْظِهِ مَعْنَاهُ (وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) ذَلِكَ (حُكْمًا) ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ عُرْفًا فَتَبْعُدُ إرَادَتُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت زُيُوفًا أَوْ إلَى شَهْرٍ.
(مَنْ قِيلَ: لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ قِيلَ: لَهُ: امْرَأَتُكَ طَالِقٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ (، وَأَرَادَ الْكَذِبَ طَلَقَتْ) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ ; لِأَنَّ نَعَمْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ، وَالْجَوَابُ الصَّرِيحُ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ صَرِيحٌ إذْ لَوْ قِيلَ لَهُ: أَلِزَيْدٍ عَلَيْكَ أَلْفٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا.
(وَ) لَوْ قِيلَ لَهُ (أَخَلَّيْتَهَا؟ ، وَنَحْوَهُ) مِنْ الْكِنَايَاتِ (فَقَالَ: نَعَمْ فَكِنَايَةٌ) أَيْ: نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا ; لِأَنَّ السُّؤَالَ كَالْمُعَادِ فِي الْجَوَابِ (وَكَذَا لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أَوْ لَا امْرَأَةَ لِي) فَهُوَ كِنَايَةٌ.
(فَلَوْ قِيلَ:) لِزَوْجِ امْرَأَةٍ (أَلَكَ امْرَأَةٌ؟ قَالَ: لَا،، وَأَرَادَ الْكَذِبَ لَمْ تَطْلُقْ) ; لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَ إرَادَةِ الْكَذِبِ وَكَذَا إنْ نَوَى لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ تُعِفُّنِي، أَوْ تَخْدُمُنِي وَنَحْوَهُ، أَوْ أَنِّي كَمَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ.
(وَإِنْ قِيلَ: لِعَالِمٍ بِالنَّحْوِ: أَلَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ تَطْلُقْ) ; لِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِنَفْيِ الطَّلَاقِ، وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ غَيْرِ النَّحْوِيِّ ; لِأَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَابِ (وَإِنْ قَالَ) الْعَالِمُ بِالنَّحْوِ، وَغَيْرُهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِقْنَاعِ جَوَابًا لِقَوْلِ أَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتَكَ؟ (بَلَى، طَلَقَتْ) ; لِأَنَّهُ نَفْيٌ، وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: طَلَّقْتُهَا.
(وَمَنْ أَشْهَدَ) أَيْ: قَامَتْ (عَلَيْهِ) بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارٍ (بِ) وُقُوعِ (طَلَاقٍ ثَلَاثٍ) لِتَقَدُّمِ يَمِينٍ مِنْهُ تُوهِمُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَنَحْوَ (ثُمَّ) اسْتَفْتَى فَ (أُفْتِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: أَفْتَاهُ عَالِمٌ (أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ) بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ (لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ) فِي إقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِيَمِينِهِ (أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ) بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute