طَالِقٌ فَكُلُّ طَلَاقِهِ غَيْرُ بِدْعِيٍّ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ (إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ) مُسْتَقِرَّةٌ (تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ لِنِصْفِهَا) أَيْ عِنْدَ نِصْفِ حَيْضَتِهَا ; لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالنِّصْفِ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِوُجُودِ الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ قَدْ تَطُولُ وَقَدْ تَقْصُرُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ نِصْفِ عَادَتِهَا. ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَيْضَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَالْأَحْكَامُ تُعَلَّقُ بِالْعَادَةِ.
(وَمَتَى ادَّعَتْ) مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِحَيْضِهَا (حَيْضًا فَأَنْكَرَ) زَوْجُهَا حَيْضَهَا (فَقَوْلُهَا) بِلَا يَمِينٍ. ; لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ عَلَى نَفْسِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] قِيلَ هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ، وَلَوْلَا قَبُولُ قَوْلِهَا فِيهِ لَمَا حَرُمَ عَلَيْهَا كَتْمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْقَبُولِ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] لَمَّا حَرَّمَ كِتْمَانِهَا دَلَّ عَلَى قَبُولِهَا. وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا (كَ) قَوْلِ زَوْجِهَا (إنْ أَضْمَرْت بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَتْهُ) أَيْ إضْمَارَ بُغْضِهِ وَأَنْكَرَ هُوَ فَقَوْلُهَا وَتَطْلُقُ؟ نَعَمْ ; لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا.
وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى زَوْجٍ (فِي وِلَادَةٍ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَيْهَا وَأَنْكَرَهَا ; لِأَنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا (إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ) فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا (وَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ (فِي قِيَامٍ وَنَحْوِهِ) كَقِيَامِ زَيْدٍ وَكَلَامِهِ وَدُخُولِ دَارٍ وَنَظَائِرِهِ. فَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهُ. ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ (وَلَوْ أَقَرَّ) زَوْجٌ (بِهِ) أَيْ بِمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا (طَلُقَتْ وَلَوْ أَنْكَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتهَا.
(وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ حَائِضٌ) عِنْدَ التَّعْلِيقِ (فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ) طَلُقَتْ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ يَنْقَطِعُ دَمُهُنَّ. ; وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَصِحَّةِ الطَّهَارَةِ. وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا إذْ لَا وَاسِطَةَ (وَإِلَّا) تَكُنْ حَائِضًا حِينَ التَّعْلِيقِ (فَإِذَا طَهُرَتْ) أَيْ انْقَطَعَ دَمُهَا (مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) طَلُقَتْ ; لِأَنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ تَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا ذَلِكَ فَتَعَلَّقَتْ الصِّفَةُ بِهِ لَكِنْ لَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَهَلْ تَطْلُقُ؟ نَعَمْ ; لِأَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا لِلْعُرْفِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ: حِضْت فَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدُهَا) أَيْ دُونَ ضَرَّتِهَا ; لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute