الْمُشَرَّفَةِ) زَادَهَا اللَّهُ تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا فَيَجُوزُ سَتْرُهَا بِالْحَرِيرِ. وَكَلَامُ أَبِي الْمَعَالِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ
وَمَحَلُّ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ. إذَا كَانَ (بِلَا ضَرُورَةٍ) كَبَرْدٍ أَوْ حَكَّةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ قَمْلٍ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرَ شَكَوْا الْقَمْلَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ وَرَأَيْتُهُ عَلَيْهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ صَحَابِيٍّ يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَقِسْ عَلَى الْقَمْلِ غَيْرَهُ مِمَّا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى لُبْسِ الْحَرِيرِ.
(وَ) حَرُمَ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ أُنْثَى ثَوْبٌ (مَنْسُوجٌ) بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَمُمَوَّهٌ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ) إلَّا خُوذَةً أَوْ مِغْفَرًا أَوْ جَوْشَنًا وَنَحْوَهَا بِفِضَّةٍ،
وَكَذَا مَا طُلِيَ أَوْ كُفِتَ أَوْ طُعِّمَ بِأَحَدِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآنِيَةِ، وَمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ تَمْلِيكُهُ وَتَمَلُّكُهُ لِذَلِكَ، وَعَمَلُ خِيَاطَتِهِ لِمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ وَأُجْرَتُهُ، نَصًّا. و (لَا) يَحْرُمُ (مُسْتَحِيلٌ لَوْنُهُ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ) لَوْ عُرِضَ عَلَى النَّارِ، لِزَوَالِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ، وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ.
(وَ) لَا يَحْرُمُ أَيْضًا (حَرِيرٌ سَاوَى مَا نُسِجَ مَعَهُ) مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ وَنَحْوِهِ (ظُهُورًا) بِأَنْ كَانَ ظُهُورُهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَلَوْ زَادَ الْحَرِيرُ وَزْنًا فَلَا يَحْرُمُ، لِأَنَّ الْغَالِبَ لَيْسَ بِحَرِيرٍ، فَيَنْتَفِي دَلِيلُ الْحُرْمَةِ.
وَيَبْقَى أَصْلُ الْإِبَاحَةِ (وَ) لَا يَحْرُمُ أَيْضًا (خَزٌّ) أَيْ ثَوْبٌ يُسَمَّى الْخَزَّ (وَهُوَ مَا سُدِيَ بِإِبْرَيْسَمٍ) أَوْ حَرِيرٍ (وَأُلْحِمَ بِصُوفٍ، أَوْ وَبَرٍ وَنَحْوِهِ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ. لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ الْحَرِيرِ، أَمَّا عَلَمُ وَسَدَى الثَّوْبِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ.
وَأَمَّا مَا عُمِلَ مِنْ سَقَطِ الْحَرِيرِ وَمُشَاقَّتِهِ وَمَا يُلْقِيهِ الصَّانِعُ مِنْ فَمِهِ مِنْ تَقْطِيعِ الطَّاقَاتِ إذَا دُقَّ وَغُسِلَ وَنُسِجَ، فَهُوَ كَحَرِيرٍ خَالِصٍ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سُمِّيَ الْآنَ خَزًّا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَحْرُمُ (خَالِصٌ) مِنْ حَرِيرٍ (لِمَرَضٍ أَوْ حَكَّةٍ) سَوَاءٌ أَثَّرَ فِي زَوَالِهَا أَوْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) خَالِصٌ (لِحَرْبٍ) مُبَاحٌ إذَا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ (وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ) نَصًّا ; لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ لُبْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُيَلَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ فِي الْحَرْبِ (وَلَا) يَحْرُمُ (الْكَلُّ) وَهُوَ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَالْحَرِيرُ وَالْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (لِحَاجَةٍ) بِأَنْ عُدِمَ غَيْرُهُ،
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: مَنْ احْتَاجَ إلَى لُبْسِ الْحَرِيرِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ تَحَصُّنٍ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ أُبِيحَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ، كَدِرْعٍ مُمَوَّهٍ بِهِ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ لُبْسِهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ (وَحَرُمَ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِأُنْثَى وَعَكْسِهِ) وَهُوَ تَشَبُّهُ أُنْثَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute