{ثُمَّ يَعُودُونَ} [المجادلة: ٣] (وَهُوَ الْوَطْءُ) نَصًّا لَا الْعَزْمُ عَلَيْهِ فَلَا تَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّهَا شَرْطٌ لِحِلِّ الْوَطْءِ فَيُؤْمَرُ بِهَا مَنْ أَرَادَهُ لِيَسْتَحِلَّهُ بِهَا كَمَا يُؤْمَرُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ مَنْ أَرَادَ حِلَّ الْمَرْأَةِ أَوْ لَوْ كَانَ الْوَطْءُ مِنْ مَجْنُونٍ بِأَنْ ظَاهَرَ ثُمَّ جُنَّ وَكَذَا لَوْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ زَنَا بِهَا لَا إنْ كَانَ الْوَطْءُ (مِنْ مُكْرَهٍ) ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْإِكْرَاهِ وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ ضِدُّ قَوْلِ الْمُظَاهِرِ إذْ الْمُظَاهِرُ حَرَّمَ الْوَطْءَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنَعَهَا مِنْهُ فَالْعَوْدُ فِعْلُهُ وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ عَنْ الْوَطْءِ فَلَيْسَ بِعَوْدٍ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي وَالْإِمْسَاكُ غَيْرُ مُتَرَاخٍ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ يَمِينٌ يَقْتَضِي تَرْكَ الْوَطْءِ فَلَا تَجِبُ كَفَّارَتُهُ إلَّا بِهِ كَالْإِيلَاءِ.
(وَيَأْثَمُ مُكَلَّفٌ) بِوَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ قَبْلَ تَكْفِيرٍ لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) إنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ (لَا يَطَأُ) بَعْدُ (حَتَّى يُكَفِّرَ) لِلْخَبَرِ وَلِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ (وَتُجْزِيهِ) كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) وَلَوْ كَرَّرَ الْوَطْءَ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ وُجِدَ الْعَوْدُ وَالظِّهَارُ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ ( {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] ) الْآيَتَيْنِ (كَمُكَرِّرٍ ظِهَارًا مِنْ) امْرَأَةٍ (وَاحِدَةٍ قَبْلَ تَكْفِيرٍ وَلَوْ) كَرَّرَهُ (بِمَجَالِسَ أَوْ أَرَادَ) بِتَكْرَارِهِ (اسْتِئْنَافًا) نَصًّا ; لِأَنَّ تَكْرِيرَهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ.
(وَكَذَا) لَوْ ظَاهَرَ (مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ ظِهَارٌ وَاحِدٌ.
(وَ) إِن ظَاهَرَ مِنْهُنَّ (بِكَلِمَاتٍ بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَعَلَيْهِ (لِكُلٍّ) مِنْهُنَّ (كَفَّارَةٌ) ; لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ عَلَى أَعْيَانٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلِأَنَّهَا أَيْمَانٌ لَا يَحْنَثُ فِي إحْدَاهَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى فَلَا تُكَفِّرُهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُ) كَفَّارَةِ ظِهَارٍ (بِعَزْمٍ عَلَى وَطْءٍ) نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى -: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] الْآيَتَيْنِ وَحَدِيثِ ( «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ» ) حَيْثُ أَمَرَ بِالْكَفَّارَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ (وَيُجْزِئُ) إخْرَاجٌ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عَزْمٍ عَلَى وَطْءٍ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الظِّهَارُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) مُظَاهِرٌ (زَوْجَتَهُ) الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ وَلَهُ عِتْقُهَا عَنْهُ فَإِنْ عَادَ وَتَزَوَّجَهَا فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ أَعْتَقَهَا عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ (أَوْ بَانَتْ زَوْجَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (قَبْلَ الْوَطْءِ ثُمَّ أَعَادَهَا مُطْلَقًا) ارْتَدَّ أَوْ لَا (فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ) نَصًّا لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ ; وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَزُولُ بِالتَّكْفِيرِ.
(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ ظِهَارٍ (قَبْلَهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute