وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا (أَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا بَعْدَهُ) أَيْ اللِّعَانِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ كَتَحْرِيمِ الرَّضَاعِ، وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا.
الْحُكْمُ (الرَّابِعُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ) عَنْ الْمُلَاعِنِ (وَيُعْتَبَرُ لَهُ) أَيْ نَفْيُ الْوَلَدِ (ذِكْرُهُ صَرِيحًا) فِي اللِّعَانِ (كَ) قَوْلِهِ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ زَنَتْ وَمَا هَذَا وَلَدِي) وَيُتَمِّمُ اللِّعَانَ (وَتَعْكِسُ هِيَ) فَتَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ وَهَذَا الْوَلَدُ وَلَدُهُ وَتُتَمِّمُ اللِّعَانَ ; لِأَنَّهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَكَانَ ذِكْرُ الْوَلَدِ مِنْهَا شَرْطًا فِي اللِّعَانِ كَالزَّوْجِ (أَوْ) ذُكِرَ (تَضَمُّنًا كَقَوْلِ) زَوْجٍ (مُدَّعٍ زِنَاهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ، وَأَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حَتَّى وَلَدَتْ) هَذَا الْوَلَدَ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا ادَّعَيْتُ عَلَيْهَا أَوْ) فِيمَا (رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ زِنًا وَنَحْوِهِ) وَتَعْكِسُ هِيَ (وَلَوْ نَفَى عَدَدًا) مِنْ الْأَوْلَادِ (كَفَاهُ لِعَانٌ وَاحِدٌ) لِلْكُلِّ لِمَا سَبَقَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ سُقُوطُ الْحَدِّ وَنَفْيُ الْوَلَدِ تَابِعٌ (وَإِنْ نَفَى حَمْلًا أَوْ اسْتَلْحَقَهُ، أَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَعَ ذِكْرِهِ) (لَمْ يَصِحَّ) نَفْيُهُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامٌ إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ (وَيُلَاعِنُ) قَاذِفُ حَامِلٍ أَوَّلًا (لِدَرْءِ حَدٍّ، وَثَانِيًا بَعْدَ وَضْعٍ لِنَفْيِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْوَلَدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا زَنَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ وَأَنَّهُ اعْتَزَلَهَا حَتَّى ظَهَرَ حَمْلُهَا ثُمَّ لَاعَنَهَا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي الْحَمْلُ إذَا وَضَعَتْهُ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ مِنْ حِينِ ادَّعَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُهُ فَانْتَفَى عَنْهُ كَمَا لَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِلَافًا.
(وَلَوْ نَفَى) شَخْصٌ (حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ) غَيْرِ زَوْجَتِهِ (لَمْ يُحَدَّ) ; لِأَنَّ نَفْيَهُ مَشْرُوطٌ بِوُجُودِهِ وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ اللِّعَانُ عَلَيْهِ (كَتَعْلِيقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ (قَذْفًا بِشَرْطٍ) كَإِذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ (إلَّا) قَوْلُهُ (أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَقَذْفٌ (لَا زَنَيْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَيْسَ قَذْفًا وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ تَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْوَصْفِ فَلَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ فَتَقْبَلُهُ كَقَوْلِهِمْ لِلْمَرِيضِ طِبْتَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَرُّكًا وَتَفَاؤُلًا بِالْعَافِيَةِ (وَشُرِطَ لِنَفْيِ وَلَدٍ بِلِعَانٍ إنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ) أَيْ اللِّعَانَ (إقْرَارٌ بِهِ) أَيْ الْمَنْفِيِّ (أَوْ) إقْرَارٌ بِتَوْأَمٍ أَوْ إقْرَارٌ (بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِقْرَارُ بِهِ (كَمَا لَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إمْكَانِهِ) أَيْ النَّفْيِ بِلَا عُذْرٍ (أَوْ) أَخَّرَهُ (رَجَاءَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ لِدَفْعِ ضَرَرٍ فَكَانَ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute