وَالْأَنْصَارِ لَا يُنْكِرُهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ عَلِمْنَاهُ ; وَلِأَنَّ الْغَرَضَ بِالْعِدَّةِ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا وَهِيَ تَحْصُلُ بِذَلِكَ فَاكْتُفِيَ بِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ إمَّا بِالصِّغَرِ أَوْ الْإِيَاسِ وَهُنَا لِمَا احْتَمَلَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْإِيَاسِ اُعْتُبِرَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَمْلِ بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الِانْقِطَاعِ لِلْإِيَاسِ فَوَجَبَتْ عِدَّتُهُ عِنْدَ تَعْيِينِهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَا مَضَى مِنْ الْحَيْضِ قَبْلَ الْإِيَاسِ ; لِأَنَّ الْإِيَاسَ طَرَأَ عَلَيْهِ.
(وَلَا تَنْقَضِي) الْعِدَّةُ (بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ الْمُدَّةِ) لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَالصَّغِيرَةِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَحِيضُ (وَإِنْ عَلِمَتْ) مُعْتَدَّةٌ انْقَطَعَ حَيْضُهَا (مَا رَفَعَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رِضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا تَزَالُ) فِي عِدَّةٍ (حَتَّى يَعُودَ) حَيْضُهَا (فَتَعْتَدُّ بِهِ) وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِعَدَمِ إيَاسِهَا مِنْ الْحَيْضِ فَتَنَاوَلَهَا عُمُومُ " {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] " كَمَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ وَفَّيْنَ حَيْضَتَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً (أَوْ) حَتَّى (تَصِيرَ آيِسَةً) أَيْ تَبْلُغُ سِنَّ الْإِيَاسِ (فَتَعْتَدُّ عِدَّتَهَا) أَيْ الْآيِسَةِ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ} [الطلاق: ٤] الْآيَةَ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ زَوْجٍ) اخْتَلَفَ مَعَ مُطَلَّقَتِهِ فِي وَقْتِ طَلَاقٍ (أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ) إلَّا بَعْدَ (وِلَادَةٍ أَوْ) إلَّا فِي (وَقْتِ كَذَا) حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ ; وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَهُوَ الْأَصْلُ.
(لِلسَّادِسَةِ) مِنْ الْمُعْتَدَّاتِ (امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ) أَيْ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَلَمْ تَعْلَمْ حَيَاتَهُ وَلَا مَوْتَهُ (فَتَتَرَبَّصُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ) وَهُوَ تَمَامُ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ إنْ كَانَ ظَاهِرُ غَيْبَتِهِ السَّلَامَةَ، وَأَرْبَعُ سِنِينَ مُنْذُ فُقِدَ إنْ كَانَ ظَاهِرُ غَيْبَتِهِ الْهَلَاكَ كَالْمَفْقُودِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ أَوْ فِي مَفَازَةٍ أَوْ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي حَالِ الْحَرْبِ وَنَحْوِهِ. وَسَاوَتْ الْأَمَةُ هُنَا الْحُرَّةَ ; لِأَنَّ تَرَبُّصَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ حَيَاةٍ وَمَوْتٍ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ زَوْجَتِهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ) فِي الْحَالَيْنِ (لِلْوَفَاةِ) الْحُرَّةُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَالْأَمَةُ نِصْفَ ذَلِكَ (وَلَا تَفْتَقِرُ) امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ فِي ذَلِكَ التَّرَبُّصِ (إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ) ; لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تَعْقُبُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِمَوْتِهِ وَكَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَلَا) تَفْتَقِرُ أَيْضًا (إلَى طَلَاقِ وَلِيِّ زَوْجِهَا بَعْدَ اعْتِدَادِهَا) لِوَفَاةٍ لِتَعْتَدَّ بَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ; لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِوَلِيِّهِ فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَلِحُكْمِنَا عَلَيْهِمَا بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ فَلَا تُجَامِعُهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ كَمَا لَوْ تَيَقَّنَتْ مَوْتَهُ (وَيَنْفُذُ حُكْمُ) حَاكِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute