الْمُرَافَعَةُ بِهَا إلَى الْحَاكِمِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ
(وَلَا تَقْتَرِضُ) امْرَأَةٌ لِوَلَدٍ (عَلَى أَبِيهِ) وَلَوْ غَائِبًا ; لِأَنَّهُ إشْغَالٌ لِذِمَّتِهِ بِدُونِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَيَأْتِي لَوْ غَابَ زَوْجٌ فَاسْتَدَانَتْ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ رَجَعَتْ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ (وَلَا يُنْفَقُ عَلَى صَغِيرٍ مِنْ مَالِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ (بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ) ; لِأَنَّهُ تَعَدٍّ فَيَضْمَنُهُ الْمُنْفِقُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ (وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ) زَوْجَةُ مُوسِرٍ مَنَعَهَا مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ فَلَهَا رَفْعُهُ إلَى حَاكِمٍ فَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ لَهَا فَإِنْ امْتَنَعَ (أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ) عَلَيْهِ (فَإِنْ أَبَى) الدَّفْعَ (حَبَسَهُ أَوْ دَفَعَهَا) أَيْ النَّفَقَةَ لِزَوْجَتِهِ (مِنْهُ) أَيْ مَالِهِ (يَوْمًا بِيَوْمٍ) حَيْثُ أَمْكَنَ لِقِيَامِ الْحَاكِمِ مَقَامَهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَرَضًا أَوْ عَقَارًا بَاعَهُ وَأَنْفَقَ مِنْهُ.
(فَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ وَصَبَرَ عَلَى الْحَبْسِ) فَلَهَا الْفَسْخُ لِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا مِنْ جِهَتِهِ كَالْمُعْسِرِ (أَوْ غَابَ مُوسِرٌ) عَنْ زَوْجَتِهِ (وَتَعَذَّرَتْ نَفَقَتُهُ) عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً وَلَمْ يُقْدَرْ لَهُ عَلَى مَالٍ، وَلَمْ يُمْكِنْهَا تَحْصِيلُ نَفَقَتِهَا (بِاسْتِدَانَةٍ) أَيْ اقْتِرَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ (وَغَيْرِهَا فَلَهَا الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ كَحَالِ الْإِعْسَارِ بَلْ أَوْلَى وَلِأَنَّ فِي الصَّبْرِ ضَرَرًا أَمْكَنَ إزَالَتُهُ بِالْفَسْخِ فَوَجَبَتْ إزَالَتُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَلَا يَصِحُّ) الْفَسْخُ (فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِلَا حَاكِمٍ فَيَفْسَخُ) الْحَاكِمُ بِطَلَبِهَا أَوْ تَفْسَخُ (بِأَمْرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِهَا ; لِأَنَّهُ لَحِقَهَا فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ فَسْخٌ لَا رَجْعَةَ فِيهِ كَتَفْرِيقِهِ لِلْعُنَّةِ (وَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ (بَيْعُ عَقَارٍ وَعَرَضٍ لِغَائِبٍ) تَرَكَ زَوْجَتَهُ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ (إنْ لَمْ يَجِدْ) الْحَاكِمُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ ثَمَنِ الْعَقَارِ وَالْعَرَضِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَيُنْفِقُ) الْحَاكِمُ (عَلَيْهَا) أَيْ امْرَأَةِ الْغَائِبِ مِنْ مَالِهِ (يَوْمًا بِيَوْمٍ) كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْغَائِبِ.
(وَلَا يَجُوزُ) أَنْ يُعَجِّلَ لَهَا (أَكْثَرَ) مِنْ نَفَقَةِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ كَنَفَقَةِ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ ; لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَقَدْ يَقْدَمُ أَوْ تَبِينُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ (ثُمَّ إنْ بَانَ) الْغَائِبُ (مَيِّتًا قَبْلَ إنْفَاقِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ عَلَيْهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (حُسِبَ عَلَيْهَا) مِنْ مِيرَاثِهَا مِنْ زَوْجِهَا (مَا أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرِ حَاكِمٍ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ، وَمَنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ) الَّذِي يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مُوسِرًا (فَ) هُوَ (مُوسِرٌ) كَمَا لَوْ كَانَ بِيَدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute