(فَالْعَمْدُ) الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (أَنْ يَقْصِدَ) الْجَانِي (مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فَيَقْتُلَهُ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) مَحْدُودًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَلَا قِصَاصَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ أَوْ قَصَدَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَلَهُ) أَيْ الْعَمْدِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْقَوَدُ (تِسْعُ صُوَرٍ) بِالِاسْتِقْرَاءِ (أَحَدُهَا أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي الْبَدَنِ مِنْ حَدِيدٍ كَسِكِّينٍ) وَحَرْبَةٍ وَسَيْفٍ (وَمِسَلَّةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (أَوْ) مِنْ غَيْرِهِ (أَيْ الْحَدِيدِ) كَشَوْكَةٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ وَعَظْمٍ، وَكَذَا نُحَاسٌ وَذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَنَحْوُهُ فَإِذَا جَرَحَهُ فَمَاتَ بِهِ فَعَمْدٌ (وَلَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (صَغِيرًا كَشَرْطِ حَجَّامٍ) فَمَاتَ وَلَوْ طَالَتْ عِلَّتُهُ مِنْهُ، وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ (أَوْ) كَانَ الْجُرْحُ (فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ) كَطَرَفٍ. فَالْمُحَدَّدُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حُصُولِ الْقَتْلِ بِهِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَطَعَ شَحْمَةَ أُذُنِهِ أَوْ أُنْمُلَتِهِ فَمَاتَ وَرَبْطًا لِلْحُكْمِ بِكَوْنِهِ مُحَدَّدًا لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ أَيْ الْمَحْدُودِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يُعْتَبَرُ ظُهُورُ الْحُكْمِ فِي آحَادِ صُوَرِ الْمَظِنَّةِ، بَلْ يَكْفِي احْتِمَالُ الْحِكْمَةِ (أَوْ) كَانَ جُرْحُهُ (بِ) شَيْءٍ (صَغِيرٍ كَغُرْزَةٍ لِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا) كَشَوْكَةٍ صَغِيرَةٍ (فِي مَقْتَلٍ كَالْفُؤَادِ) أَيْ الْقَلْبِ.
(وَ) كَ (الْخُصْيَتَيْنِ أَوْ فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْمَقْتَلِ (كَفَخِذٍ وَيَدٍ فَتَطُولُ عِلَّتُهُ) مِنْ ذَلِكَ (أَوْ يَصِيرُ ضَمِنًا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ مُتَأَلِّمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ.
(وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ) عَلَى الْمُدَاوَاةِ (جُرْحَهُ حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يَمُوتَ فِي الْحَالِ) ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُهُ بِفِعْلِ الْجَانِي (وَمَنْ قَطَعَ) سِلْعَةً خَطِرَةً مِنْ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ (أَوْ بَطَّ) أَيْ شَرَطَ (سِلْعَةً) بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ غُدَّةٌ تَظْهَرُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إذَا غُمِزَتْ بِالْيَدِ تَحَرَّكَتْ (خَطِرَةً) لِيَخْرُجَ مَا فِيهَا مِنْ مَادَّةٍ (مِنْ مُكَلَّفٍ بِلَا إذْنِهِ فَمَاتَ) مِنْهُ (فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ) لِتَعَدِّيهِ بِجُرْحِهِ بِلَا إذْنِهِ. وَ (لَا) قَوَدَ إنْ قَطَعَهَا أَوْ بَطَّهَا (وَلِيٌّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ لِمَصْلَحَةٍ) ; لِأَنَّ لَهُ فِعْلَ ذَلِكَ أَيًّا كَانَ أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا كَمَا لَوْ خَتَنَهُ فَمَاتَ.
الصُّورَةُ (الثَّانِيَةُ أَنْ يَضْرِبَهُ بِمُثَقَّلٍ) كَبِيرٍ (فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا) بِمُثَقَّلٍ (كَهُوَ) أَيْ كَعَمُودِ الْفُسْطَاطِ نَصًّا (وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ) ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي ضَرَبَتْ جَارَتَهَا بِعَمُودٍ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ، وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» ، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ الْعَمْدَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِهِ لَيْسَ بِعَمْدٍ (أَوْ) يَضْرِبَهُ (بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ) لِثِقَلِهِ (مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute