لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَوْكِيلِ أَحَدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ مُنِعُوا مِنْهُ حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ.
(وَيَجُوزُ اقْتِصَاصُ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ بِرِضَا وَلِيٍّ) جِنَايَةٍ ; لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْوَلِيِّ أَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ وَ (لَا) يَجُوزُ لِوَلِيِّ أَمْرٍ أَنْ يَأْذَنَ لِسَارِقٍ فِي (قَطْعِ) يَدِ (نَفْسِهِ) أَوْ رِجْلِهِ (فِي سَرِقَةٍ) لِفَوَاتِ الرَّدْعِ بِقَطْعِ غَيْرِهِ (وَيَسْقُطُ) الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ إنْ قَطَعَ السَّارِقُ نَفْسَهُ لِوُقُوعِهِ الْمَوْقِعَ (بِخِلَافِ حَدِّ) جَلْدٍ فِي (زِنًا أَوْ قَذْفٍ بِإِذْنِ) حَاكِمٍ فِي جِلْدِ الزِّنَا وَمَقْذُوفٍ فِي حَدِّ قَذْفٍ فَلَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ لِعَدَمِ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ السَّرِقَةِ فَإِنَّ الْقَصْدَ قَطْعُ الْعُضْوِ وَقَدْ وُجِدَ (وَلَهُ) أَيْ مَنْ يُرِيدُ الْخَتْنَ (خَتْنَ نَفْسِهِ إنْ قَوِيَ) عَلَيْهِ (وَأَحْسَنَهُ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ وَلِفِعْلِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(وَيَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى) قَوَدٌ (فِي نَفْسٍ إلَّا بِسَيْفٍ) فِي عُنُقٍ لِحَدِيثِ " «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِحَدِيثِ " «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» " وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَوَدِ إتْلَافُ جُمْلَتِهِ وَقَدْ أَمْكَنَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْذِيبُهُ بِإِتْلَافِ أَطْرَافِهِ كَقَتْلِهِ بِسَيْفٍ كَالٍّ وَ (كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِ) فِعْلٍ (مُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ كَلِوَاطٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ) وَكَمَا لَوْ اسْتَمَرَّ الْجَانِي يَضْرِبُ الْمَقْتُولَ بِالسَّيْفِ حَتَّى مَاتَ (وَ) يَحْرُمُ أَنْ يُسْتَوْفَى قَوَدٌ (فِي طَرَفٍ إلَّا بِسِكِّينٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ آلَةٍ صَغِيرَةٍ (لِئَلَّا يَحِيفَ) فِي الِاسْتِيفَاءِ (وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ شَخْصٍ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ دَخَلَ قَوَدُ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ وَكَفَى قَتْلُهُ) لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ. وإنْ كَانَ بَعْدَ بُرْئِهِ اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ وَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ مَا قَتَلَهُ وَقَطَعَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بُرْئِهِ فَقَوْلُ مُنْكِرٍ إنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا وَإِلَّا فَقَوْلُ وَلِيٍّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَقَوْلُ جَانٍ بِيَمِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ وَلِيٍّ إنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ; لِأَنَّهَا مُثَبِّتَةٌ لِلْبُرْءِ (وَمَنْ فَعَلَ بِهِ) أَيْ بِجَانٍ (وَلِيُّ جِنَايَةٍ كَفِعْلِهِ) أَيْ الْجَانِي بِالْمَقْتُولِ (يَضْمَنُهُ) الْوَلِيُّ بِشَيْءٍ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي اسْتِيفَاءٍ فَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا كَقَتْلِهِ بِآلَةٍ كَالَّةٍ.
(فَلَوْ عَفَا) الْوَلِيُّ إلَى الدِّيَةِ (وَقَدْ قَطَعَ) مِنْ جَانٍ (مَا فِيهِ دُونَ دِيَةٍ) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ (فَلَهُ) أَيْ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْجَانِي (تَمَامُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَطَعَهُ الْوَلِيُّ مِنْ الْجَانِي (دِيَةٌ) كَامِلَةٌ كَمَا لَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ أَوْ أَنْفَهُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ (وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَكْثَرُ) مِنْ دِيَةٍ كَقَطْعِ أَرْبَعَتِهِ وَقَدْ فُعِلَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِيمَا زَادَ عَلَى الدِّيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ زَادَ) وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute