إمَامِهِمَا (فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ صَحَّ) ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ جَمَاعَةٍ إلَى جَمَاعَةٍ لِعُذْرِ السَّبْقِ،
فَإِنْ ائْتَمَّ مَسْبُوقٌ بِإِمَامِ جَمَاعَةٍ أُخْرَى فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُ أَوْ كَانَا فِي جُمُعَةٍ لَمْ يَصِحَّ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ لَمْ تُقَمْ فِيهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ ذَلِكَ لَيْسَ إقَامَةً ثَانِيَةً، وَإِنَّمَا هُوَ تَكْمِيلٌ لَهَا بِجَمَاعَةٍ، فَغَايَتُهُ: أَنَّهَا فُعِلَتْ بِجَمَاعَتَيْنِ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ، وَقِيلَ: لَعَلَّهُ لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ لَهَا فَيَلْزَمُ لَوْ ائْتَمَّ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ بِآخَرَ يَصِحُّ (وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَأْتَمَّ) أَيْ ائْتِمَامُ (مَنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الِائْتِمَامَ (أَوَّلًا) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ مَحَلُّ النِّيَّةِ (إلَّا إذَا أَحْرَمَ) مُصَلٍّ (إمَامًا لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ) أَيْ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ (ثُمَّ حَضَرَ) إمَامُ الْحَيِّ فَأَحْرَمَ (وَبَنَى) صَلَاتَهُ (عَلَى صَلَاةِ) الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي أَحْرَمَ لِغَيْبَتِهِ (وَصَارَ) هَذَا (الْإِمَامُ مَأْمُومًا) بِالْإِمَامِ الرَّاتِبِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ غَيْرَهُ.
لَمَّا رَوَى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: «ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. و (لَا) يَصِحُّ (أَنْ يَؤُمَّ) مَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ أَوَّلًا، وَلَوْ فِي نَفْلٍ.
وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ (بِلَا عُذْرِ السَّبْقِ وَالْقَصْرِ) السَّابِقَيْنِ (إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ إمَامٌ، لِحُدُوثِ مَرَضٍ) لِلْإِمَامِ (أَوْ) حُدُوثِ (خَوْفٍ أَوْ) حُدُوثِ (حَصْرٍ) لَهُ (عَنْ قَوْلٍ) وَاجِبٍ كَقِرَاءَةٍ وَتَشَهُّدٍ وَتَسْمِيعٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَنَحْوِهِ، لِوُجُودِ الْعُذْرِ الْحَاصِلِ لِلْإِمَامِ، مَعَ بَقَاءِ صَلَاتِهِ وَصَلَاةِ الْمَأْمُومِينَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سَبَقَ الْإِمَامَ الْحَدَثُ، لِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْكُلِّ (وَيَبْنِي) خَلِيفَةُ الْإِمَامِ (عَلَى تَرْتِيبِ) الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) ; لِأَنَّهُ فَرْعُهُ، وَلِئَلَّا يَخْلِطَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْتَخْلِفُ (مَسْبُوقًا) لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَيَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ، وَيَبْنِي عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ،
فَإِنْ شَكَّ: كَمْ صَلَّى الْإِمَامُ؟ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، فَإِنْ سَبَّحَ بِهِ الْمَأْمُومُ رَجَعَ (وَيَسْتَخْلِفُ) ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ (مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ الَّذِينَ دَخَلُوا مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ يَسْتَخْلِفْ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ (فَلَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ (السَّلَامُ) لِأَنْفُسِهِمْ (وَلَهُمْ) (الِانْتِظَارُ) لَهُ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ وَيُسَلِّمَ بِهِمْ، نَصًّا.
وَفِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي: يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ بِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute