للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَيَقُومُ نَائِبُ الْإِمَامِ فِيهِ مَقَامَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. وَأَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَلَمْ يَحْضُرْهُ» «وَقَالَ فِي سَارِقٍ أُتِيَ بِهِ اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ»

(وَتَحْرُمُ شَفَاعَةٌ) فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الْإِمَامَ.

(وَ) يَحْرُمُ (قَبُولُهَا) أَيْ: الشَّفَاعَةِ (فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ الْإِمَامَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» وَلِأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِيهِ طَلَبُ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ عَلَى مَنْ طُلِبَ مِنْهُ

(وَلِسَيِّدٍ حُرٍّ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ الْحَدِّ (وَبِشُرُوطِهِ وَلَوْ) كَانَ السَّيِّدُ (فَاسِقًا أَوْ امْرَأَةً إقَامَتُهُ) أَيْ: الْحَدِّ (بِجَلْدٍ، وَإِقَامَةُ تَعْزِيرٍ عَلَى رَقِيقٍ كُلِّهِ) لَا مُبَعَّضَ (لَهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» وَلِأَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ تَأْدِيبَ رَقِيقِهِ وَضَرْبَهُ عَلَى الذَّنْبِ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِهِ، وَلِكَوْنِ سَبَبِ وِلَايَتِهِ الْمِلْكَ، اسْتَوَى الْعَدْلُ وَالذَّكَرُ فِيهِ وَضِدُّهُمَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمُكَاتِبٍ وَلَا شَرِيكٍ فِي قِنٍّ إقَامَتُهُ عَلَيْهِ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ، وَلَا لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ لِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّقِيقُ (مُكَاتَبًا أَوْ مَرْهُونًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا) فَلِسَيِّدِهِ جَلْدُهُ فِي الْحَدِّ بِشَرْطِهِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِمْ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُكَاتَبِ تَبِعَ فِيهِ التَّنْقِيحَ وَالْفُرُوعَ. وَنُقِلَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ عَنْ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ خِلَافُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِمَنَافِعِهِ وَكَسْبِهِ وَ (لَا) يُقِيمُهُ سَيِّدٌ عَلَى أَمَةٍ (مُزَوَّجَةٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ مُزَوَّجَةً رُفِعَتْ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ جَلَدَهَا سَيِّدُهَا نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنِ " وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهِ مِلْكًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ أَشْبَهَتْ الْمُشْتَرَكَةَ (وَمَا ثَبَتَ) مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى رَقِيقٍ (يَعْلَمُهُ) أَيْ: السَّيِّدُ بِرُؤْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ إقْرَارِ) رَقِيقٍ (كَ) الثَّالِثِ (بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى التَّأْدِيبِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ مُتَّهَمٌ، وَلِلسَّيِّدِ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَى رَقِيقِهِ إذَا عَلِمَ شُرُوطَهَا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (قَتْلٌ فِي رِدَّةٍ. وَ) لَا (قَطْعٌ فِي سَرِقَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ تَفْوِيضٌ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَى الْإِمَامِ، وَإِنَّمَا فُوِّضَ إلَى السَّيِّدِ الْجَلْدُ خَاصَّةً لِأَنَّهُ تَأْدِيبٌ، وَالْحَدِيثُ جَاءَ فِي جَارِيَةٍ زَنَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ الْحَدَّ وَشَبَهَهُ وَلِأَنَّ فِي الْجَلْدِ سَتْرًا عَلَى رَقِيقِهِ لِئَلَّا يَفْتَضِحَ بِإِقَامَةِ الْإِمَامِ الْحَدَّ عَلَيْهِ فَتَنْقُصَ قِيمَتُهُ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِيهِمَا

(وَتَجِبُ إقَامَةُ الْحَدِّ وَلَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ) أَيْ الْحَدَّ (شَرِيكًا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>