يُرَاجِعُ دِينَهُ (فَإِنْ تَابَ لَمْ يُعَزَّرْ) وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةِ الِاسْتِتَابَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَنْفِيرًا لَهُ عَنْ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى رِدَّتِهِ (قُتِلَ بِالسَّيْفِ) وَلَا يُحْرَقُ بِالنَّارِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأُحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» وَحَدِيثِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوهُ بِعَذَابِ اللَّهِ - يَعْنِي النَّارَ -» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد (إلَّا رَسُولَ كُفَّارٍ) فَلَا يُقْتَلُ وَلَوْ مُرْتَدًّا (بِدَلِيلِ رَسُولِ مُسَيْلِمَةَ) حَارَبَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقُتِلَ عَلَى يَدِ وَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ وَكَانَ وَحْشِيًّا يَقُولُ قَتَلْت خَيْرَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ: جَاهِلِيَّتِهِ وَشَرَّهَا فِي الْإِسْلَامِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ - بِكَسْرِ اللَّامِ - وَرَسُولَاهُ وَهُمَا ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ جَاءَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْتُلْهُمَا
(وَلَا يَقْتُلُهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) حُرًّا كَانَ الْمُرْتَدُّ أَوْ عَبْدًا ; لِأَنَّهُ قَتْلٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ إلَى الْإِمَامِ كَرَجْمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ لِكُفْرِهِ لَا حَدًّا (فَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (غَيْرُهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (أَسَاءَ وَعُزِّرَ) لِافْتِيَاتِهِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ (وَلَا ضَمَانَ) بِقَتْلِ مُرْتَدٍّ (وَلَوْ كَانَ) قَتْلُهُ (قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِ) لِأَنَّهُ مُهْدَرُ الدَّمِ وَرِدَّتُهُ أَبَاحَتْ دَمَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَحْرِيمِ الْقَتْلِ الضَّمَانُ بِدَلِيلِ نِسَاءِ حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ (إلَّا أَنْ يَلْحَقَ) الْمُرْتَدُّ (بِدَارِ الْحَرْبِ فَ) يَجُوزُ (لِكُلِّ أَحَدٍ قَتْلُهُ وَأَخْذُ مَا مَعَهُ) مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ صَارَ حَرْبِيًّا
(وَمَنْ أَطْلَقَ الشَّارِعُ) أَيْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُفْرَهُ كَدَعْوَاهُ لِغَيْرِ أَبِيهِ وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا) وَهُوَ الَّذِي يُحَدِّثُ وَيَتَخَرَّصُ (فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَهُوَ تَشْدِيدٌ) وَتَأْكِيدٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ (لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ) انْتَهَى. وَقِيلَ: كُفْرُ نِعْمَةٍ وَقَالَهُ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ. .
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: قَارَبَ الْكُفْرَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ " مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ " أَيْ: جَحَدَ تَصْدِيقَهُ بِكَذِبِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ كُفْرًا حَقِيقَةً انْتَهَى. قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا وَيُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُخْرِجُ عَنْ الْمِلَّةِ
(وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (يَعْقِلُهُ) أَيْ الْإِسْلَامَ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَبُّهُ لَا شَرِيك لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إلَى النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute