للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّ النَّبِيَّ سُحِرَ حَتَّى أَنَّهُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ» . .

وَرُوِيَ مِنْ أَخْبَارِ السَّحَرَةِ مَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إبْطَالُ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ مَا يَأْتُونَ بِهِ، فَلَا يَنْتَهِي إلَى أَنْ تَسْعَى الْعَصَا وَالْحِبَالُ، وَيُحَرَّمُ تَعَلُّمُ السِّحْرِ وَتَعْلِيمُهُ (وَسَاحِرٌ يَرْكَبُ الْمَكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ) كَمُدَّعِي أَنَّ الْكَوَاكِبَ تُخَاطِبُهُ (كَافِرٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة: ١٠٢]- أَيْ مَا كَانَ سَاحِرًا كَفَرَ بِسِحْرِهِ - {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: ١٠٢] . وَقَوْلِهِ: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: ١٠٢] أَيْ: لَا تَتَعَلَّمْهُ فَتَكْفُرْ بِذَلِكَ (كَمُعْتَقِدٍ حِلَّهُ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَ (لَا) يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ (مَنْ سَحَرَ بِأَدْوِيَةٍ وَتَدْخِينٍ وَسَقْيٍ شَيْئًا يَضُرُّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعِصْمَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُزِيلُهَا (وَيُعَزَّرُ) سَاحِرٌ بِذَلِكَ (بَلِيغًا) لِيَنْكَفَّ هُوَ وَمِثْلُهُ عَنْهُ (وَلَا) يَكْفُرُ (مَنْ يُعَزِّمُ عَلَى الْجِنِّ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يَجْمَعُهَا وَتُطِيعُهُ) وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ (وَلَا) يَكْفُرُ (كَاهِنٌ) أَيْ: مَنْ لَهُ رِدْءٌ مِنْ الْجِنِّ يَأْتِيهِ بِالْأَخْبَارِ (وَلَا) يَكْفُرُ (عَرَّافٌ) أَيْ مِنْ يَحْدُسُ أَوْ يَتَخَرَّصُ (وَلَا) يَكْفُرُ (مُنَجِّمٌ) أَيْ: نَاظِرٌ فِي النُّجُومِ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى الْحَوَادِثِ فَإِنْ أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ.

(وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ كِتَابِيٌّ) نَصًّا (أَوْ) سَاحِرٌ (نَحْوُهُ) كَمَجُوسِيٍّ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِسِحْرٍ يَقْتُلُ غَالِبًا فَيُقْتَلُ قِصَاصًا، «لِأَنَّ لَبِيدَ بْنَ الْأَعْصَمِ سَحَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقْتُلْهُ» ، وَلِأَنَّ كُفْرَهُ أَعْظَمُ مِنْ سِحْرِهِ وَلَمْ يُقْتَلْ بِهِ، وَالْأَخْبَارُ فِي سَاحِرِ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَفَرَ بِسِحْرِهِ (وَمُشَعْبِذٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الشَّرْطِ (وَقَائِلٍ بِزَجْرِ طَيْرٍ وَضَارِبٌ بِحَصًى أَوْ) ضَارِبٌ بِ (شَعِيرٍ وَ) ضَارِبٌ بِ (قِدَاحٍ) جَمْعُ قِدْحٍ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ: السَّهْمُ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ وَالنَّظَرُ فِي أَكْتَافِ الْأَلْوَاحِ (إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إبَاحَتَهُ) أَيْ: فَعَلَ مَا سَبَقَ (وَ) لَمْ يَعْتَقِدْ (أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ الْأُمُورَ الْمُغَيَّبَةَ عُزِّرَ) لِفِعْلِهِ مَعْصِيَةً (وَيُكَفُّ عَنْهُ وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ الْأُمُورَ الْمُغَيَّبَةَ (كَفَرَ) فَيُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ (وَيَحْرُمُ طَلْسَمٌ) بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ (وَ) يَحْرُمُ (رُقْيَةٌ بِغَيْرِ الْعَرَبِيِّ) إنْ لَمْ يَعْرِفْ صِحَّةَ مَعْنَاهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ سَبًّا وَكُفْرًا وَكَذَا يُحَرَّمَانِ بِاسْمِ كَوْكَبٍ وَمَا وُضِعَ عَلَى نَجْمٍ مِنْ صُورَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(وَيَجُوزُ الْحَلُّ) أَيْ: حَلُّ السِّحْرِ بِالْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالْأَقْسَامِ وَالْكَلَامِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>