عَقْرٍ (عَاقِلًا لِيَصِحَّ) مِنْهُ (قَصْدُ التَّذْكِيَةِ) فَلَا يُبَاحُ مَا ذَكَّاهُ مَجْنُونٌ أَوْ طِفْلٌ لَمْ يُمَيِّزْ لِأَنَّهُمَا لَا قَصْدَ لَهُمَا كَمَا لَوْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بِسَيْفٍ فَقَطَعَ عُنُقَ شَاةٍ. وَلِأَنَّ الذَّكَاةَ أَمْرٌ يُعْتَبَرُ لَهُ الدِّينُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعَقْلُ كَالْغُسْلِ فَتَصِحُّ ذَكَاةُ عَاقِلٍ (وَلَوْ) كَانَ (مُعْتَدِيًا) كَغَاصِبٍ فَيُبَاحُ مَغْصُوبٌ ذَكَّاهُ غَاصِبُهُ أَوْ غَيْرُهُ لِرَبِّهِ وَغَيْرُهُ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ نَصًّا (أَوْ) كَانَ (مُكْرَهًا) بِأَنْ أَكْرَهَ مَالِكٌ عَاقِلًا عَلَى ذَكَاةٍ نَحْوِ شَاتِهِ فَذَكَّاهَا أَوْ أُكْرِهَ رَبُّهَا عَلَى ذَلِكَ فَفَعَلَهُ (أَوْ) كَانَ (مُمَيِّزًا) فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ كَالْبَالِغِ (أَوْ) كَانَ (قِنًّا) فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ كَالْحُرِّ (أَوْ) كَانَ (أُنْثَى) وَلَوْ حَائِضًا (أَوْ) كَانَ (جُنُبًا) لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ: لَا تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أُرْسِلَ إلَيْهِ فَأَمَرَ مَنْ سَأَلَهُ وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فَفِيهِ إبَاحَةُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ وَالْحَائِضِ وَالْجُنُبِ. لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْهَا وَفِيهِ أَيْضًا إبَاحَةُ الذَّبْحِ بِالْحَجَرِ وَمَا خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَحِلُّ مَا يَذْبَحُهُ غَيْرُ مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِبَاحَةُ ذَبْحِهِ عِنْدَ خَوْفِهِ عَلَيْهِ الْمَوْتَ.
وَكَذَا حِلُّ ذَكَاةِ الْأَقْلَفِ وَالْفَاسِقِ (أَوْ) كَانَ (كِتَابِيًّا وَلَوْ حَرْبِيًّا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ " وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ (أَوْ) كَانَ الْكِتَابِيُّ (مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَ (لَا) تَحِلُّ ذَبِيحَةُ (مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غَيْرَ كِتَابِيٍّ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَلَا) ذَبِيحَةُ (وَثَنِيٍّ وَلَا مَجُوسِيٍّ وَلَا زِنْدِيقٍ وَلَا مُرْتَدٍّ) لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وَإِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْ الْمَجُوسِ الْجِزْيَةُ ; لِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ دِمَائِهِمْ فَلَمَّا غُلِّبَ التَّحْرِيمُ فِيهَا غُلِّبَ عَدَمُ الْكِتَابِ فِي تَحْرِيمِ ذَبَائِحِهِمْ وَنِسَائِهِمْ احْتِيَاطًا لِلتَّحْرِيمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (وَلَا) تَحِلُّ ذَبِيحَةُ (سَكْرَانٍ) لِأَنَّهُ لَا قَصْدَ لَهُ (فَلَوْ احْتَكَّ) حَيَوَانٌ (مَأْكُولٌ بِمُحَدَّدٍ بِيَدِهِ) أَيْ: السَّكْرَانِ أَوْ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّذْكِيَةَ فَانْقَطَعَ بِانْحِكَاكِهِ حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ (لَمْ يَحِلَّ) لِعَدَمِ قَصْدِ التَّذْكِيَةِ وَ (لَا) يُعْتَبَرُ فِي التَّذْكِيَةِ (قَصْدُ الْأَكْلِ) اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ التَّذْكِيَةِ لِتَضَمُّنِهَا إيَّاهَا. الشَّرْطُ (الثَّانِي الْآلَةُ) بِأَنْ يَذْبَحَ أَوْ يَنْحَرَ بِمُحَدَّدٍ يَقْطَعُ أَيْ: يَنْهَرُ الدَّمُ بِحَدِّهِ (فَتَحِلُّ) الذَّكَاةُ (بِكُلِّ مُحَدَّدٍ حَتَّى حَجَرٍ وَقَصَبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute