الصَّيْدَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْجَارِحَيْنِ (فَ) الصَّيْدُ (لِصَاحِبِهِ) أَيْ: الْجَارِحِ الْقَاتِلِ لَهُ لِإِثْبَاتِهِ لَهُ (وَإِنْ جَهِلَ الْحَالَ) فَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ قَتَلَهُ الْجَارِحَانِ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ وَحْدَهُ وَجُهِلَتْ عَيْنُهُ. (فَإِنْ وُجِدَا مُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ) أَيْ: الصَّيْدِ (فَ) هُوَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ: صَاحِبَيْ الْجَارِحَيْنِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ جَارِحَيْهِمَا قَتَلَاهُ (وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْجَارِحَيْنِ (مُتَعَلِّقًا بِهِ) أَيْ: الصَّيْدِ (فَ) هُوَ (لِصَاحِبِهِ) أَيْ: الْجَارِحِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الَّذِي قَتَلَهُ (وَيَحْلِفُ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِهِ) أَيْ: بِالصَّيْدِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِدَعْوَى الْآخَرِ (وَإِنْ وُجِدَ) أَيْ: الْجَارِحَانِ (نَاحِيَةً) مِنْ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ (وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا) لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (فَإِنْ خِيفَ فَسَادُهُ) أَيْ: الصَّيْدِ لِتَأَخُّرِ صُلْحِهِمَا (بِيعَ) أَيْ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ (وَاصْطَلَحَا عَلَى ثَمَنِهِ) لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِهِ لِأَحَدِهِمَا (وَيَحْرُمُ عُضْوٌ أَبَانَهُ صَائِدٌ) مِنْ صَيْدٍ (بِمُحَدَّدٍ مِمَّا بِهِ) أَيْ الْمُبَانِ مِنْهُ (حَيَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ) لِحَدِيثِ «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» (لَا إنْ مَاتَ) الصَّيْدُ الْمُبَانُ مِنْهُ (فِي الْحَالِ) فَيَحِلُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ قَالَ أَحْمَدُ إنَّمَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا قُطِعَتْ مِنْ الْحَيِّ مَيْتَةٌ» إذَا قُطِعَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ تَمْشِي وَتَذْهَبُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ وَالْمَوْتُ جَمِيعًا أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ إذَا كَانَ فِي عِلَاجِ الْمَوْتِ فَلَا بَأْسَ بِهِ أَلَا تَرَى الَّذِي يَذْبَحُ رُبَّمَا مَكَثَ سَاعَةً وَرُبَّمَا مَشَى حَتَّى يَمُوتَ وَكَمَا لَوْ قَدَّهُ الصَّائِدُ نِصْفَيْنِ (أَوْ كَانَ) الْمُبَانُ (مِنْ حَوْتٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَحِلُّ مَيْتَةً لِأَنَّ قُصَارَاهُ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً وَمَيْتَةُ السَّمَكِ مُبَاحَةٌ. (وَإِنْ بَقِيَ) الْمَقْطُوعُ مِنْ غَيْرِ الْحُوتِ وَنَحْوِهِ (مُعَلَّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ بِحِلِّهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبِنْ (النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ آلَةِ الصَّيْدِ (جَارِحٌ فَيُبَاحُ مَا قَتَلَ) جَارِحٌ (مُعَلَّمٌ) مِمَّا يَصِيدُ بِنَابِهِ كَالْفُهُودِ وَالْكِلَابِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ مِنْ الطَّيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] الْآيَةَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ الْكِلَابُ الْمُعَلَّمَةُ وَكُلُّ طَيْرٍ تَعَلَّمَ الصَّيْدَ وَالْفُهُودُ وَالصُّقُورُ وَأَشْبَاهُهُمَا وَالْجَارِحُ لُغَةً الْكَاسِبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠] أَيْ: كَسَبْتُمْ وَيُقَالُ فُلَانٌ جَارِحَةُ أَهْلِهِ أَيْ: كَاسِبُهُمْ، وَمُكَلِّبِينَ مِنْ التَّكْلِيبِ وَهُوَ الْإِغْرَاءُ (غَيْرُ كَلْبٍ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَهُوَ مَا لَا بَيَاضَ فِيهِ) نَصًّا (فَيَحْرُمُ صَيْدُهُ) نَصًّا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ بِقَتْلِهِ وَقَالَ إنَّهُ شَيْطَانٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (وَ) يَحْرُمُ (اقْتِنَاؤُهُ) وَتَعْلِيمُهُ لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ وَالْحِلُّ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِكَوْنِهِ شَيْطَانًا وَمَا قَتَلَهُ الشَّيْطَانُ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute