بِغَيْرِهِ فَتُبَاحَ (وَلَوْ وَجَدَ غَيْرَهَا) أَيْ الْفِضَّةِ، كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُنْفَرِدَ.
(وَتُكْرَهُ مُبَاشَرَتُهَا) أَيْ ضَبَّةِ الْفِضَّةِ الْمُبَاحَةِ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْفِضَّةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْآنِيَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) إلَى مُبَاشَرَتِهَا، فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهَا، بِأَنْ كَانَ الْمَاءُ يَنْدَفِقُ لَوْ شُرِبَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهَا وَنَحْوِهِ لَمْ يُكْرَهْ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ (وَكُلُّ) إنَاءٍ (طَاهِرٍ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَعَظْمِ آدَمِيٍّ وَجِلْدِهِ (مُبَاحٌ) اتِّخَاذًا وَاسْتِعْمَالًا.
(وَلَوْ) كَانَ (ثَمِينًا) أَيْ كَثِيرَ الثَّمَنِ، كَالْمُتَّخَذِ مِنْ جَوْهَرٍ وَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ، لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا حُرِّمَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَوَاهِرَ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا خَوَّاصُ النَّاسِ. فَلَا تَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا وَلَا يَحْصُلُ بِاتِّخَاذِهَا تَضْيِيقٌ، لِأَنَّهَا لَا يَكُونُ مِنْهَا دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ، وَأَيْضًا فَلِقِلَّتِهَا لَا يَحْصُلُ اتِّخَاذُ آنِيَةٍ مِنْهَا إلَّا نَادِرًا، وَلَوْ اُتُّخِذَتْ كَانَتْ مَصُونَةً لَا تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَوْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمٍ جَوْهَرَةً ثَمِينَةً جَازَ، وَلَوْ جَعَلَهُ ذَهَبًا لَمْ يَجُزْ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ) كَالْمَجُوسِ.
(وَ) مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ (ثِيَابِهِمْ وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ) كَالسَّرَاوِيلِ (وَكَذَا) مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةٍ وَثِيَابٍ (مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا) كَمُدْمِنِ الْخَمْرِ (طَاهِرٌ مُبَاحٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: ٥] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَقُومُ إلَّا بِآنِيَةٍ. وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ.
وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ وَمَا صَبَغَهُ أَوْ نَسَجَهُ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ؟ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي هَذَا، أَيْ الصَّبْغِ، سَوَاءٌ وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا. وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ، فَإِنْ عَلِمْت نَجَاسَتَهُ فَلَا تُصَلِّ فِيهِ. حَتَّى تَغْسِلَهُ انْتَهَى. وَيَطْهُرُ بِغَسْلِهِ وَلَوْ بَقِيَ اللَّوْنُ وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ اللَّحْمِ يُشْتَرَى مِنْ الْقَصَّاب؟ قَالَ: يُغْسَلُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: بِدْعَةٌ
(وَيُبَاحُ دَبْغُ جِلْدِ) حَيَوَانٍ كَانَ طَاهِرًا حَيًّا (نُجِّسَ بِمَوْتٍ) مَأْكُولًا، كَانَ كَالشَّاةِ، أَوْ لَا كَالْهِرِّ.
(وَ) يُبَاحُ (اسْتِعْمَالُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي يَابِسٍ، لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: أَلَا أَخَذُوا إهَابَهَا فَدَبَغُوهُ، فَانْتَفَعُوا بِهِ» وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا فَارِسَ انْتَفَعُوا بِسُرُوجِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute