للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَبُولِ قَوْلَيْنِ كَانَا أَوْ فِعْلَيْنِ، أَوْ صِيغَةِ الْوَقْفِ أَوْ الْعِتْقِ كَذَلِكَ، (وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ) مِنْ بَائِعٍ وَوَاقِفٍ وَنَحْوِهِمَا، (وَيَزِيدُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ كَوْنُهُ تَصَرُّفُهُ فِي مَحَلِّهِ) بِأَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَمْلِكُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، (وَقَالَهُ) السُّبْكِيُّ (أَيْضًا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ هُوَ الْأَثَرُ) أَيْ: الْحُكْمُ بِالْأَثَرِ (الَّذِي يُوجِبُهُ اللَّفْظُ) أَيْ: يَتَرَتَّبُ عَلَى صِيغَةِ الْعَاقِدِ، (وَ) الْحُكْمُ (بِالصِّحَّةِ كَوْنُ اللَّفْظِ) أَيْ الصِّيغَةِ (بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ) مِنْ انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَنَحْوِهِ، فَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ عَلَى الْعَاقِدِ بِمُقْتَضَى عَقْدِهِ، لَا حُكْمٌ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ، (وَهُمَا) أَيْ: الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ (مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ لِشُرُوطٍ) أَيْ: شُرُوطِ الْعَقْدِ الْمَحْكُومِ بِصِحَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ، فَهُوَ حُكْمٌ بِالْمُوجَبِ.

(وَالْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهِ كَالْحُكْمِ بِمُوجَبِهِ) ، إذْ مَعْنَاهُ إلْزَامُ الْمُقِرِّ بِمَا أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ أَثَرُ إقْرَارِهِ، وَلَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ، نَقَلَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْبُلْقِينِيِّ وَقَالَ: وَلَا يَظْهَرُ لِهَذَا مَعْنًى فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ رَجَعَ الشَّيْخُ إلَى مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ (وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ لَا يَشْمَلُ الْفَسَادَ انْتَهَى) ، هَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ الْقَائِلِ: إنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ لَا فَائِدَة لَهُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ حَكَمْت بِصِحَّتِهِ إنْ كَانَ صَحِيحًا وَبِفَسَادِهِ إنْ كَانَ فَاسِدًا، فَهُوَ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مُوجَبَهُ هِيَ آثَارُهُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَالْفَسَادُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَا يَشْمَلُهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ، قَالَ (الْمُنَقَّحُ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ: (الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ) ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الْعَاقِدِ بِمُقْتَضَى مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَقْدِ، فَلَوْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَحَكَمَ بِمُوجَبِهِ مَنْ يَرَاهُ فَلَيْسَ لِشَافِعِيٍّ سَمَاعُ دَعْوَى الْوَاقِفِ فِي إبْطَالِ الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى كَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى النَّفْسِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ مُوجَبٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ كَكَوْنِ الْمَوْقُوفِ مَرْهُونًا مَثَلًا. وَقَدْ ذَكَرَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي رِسَالَةٍ لَهُ ذَكَرَهَا فِي شَرْحِهِ فُرُوقًا بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ عَنْ شَيْخِهِ الْبُلْقِينِيِّ مَعَ مُنَاقَشَتِهِ لَهُ، وَذَكَرَ مُلَخَّصَ مَا اخْتَارَهُ غَيْرَ مَا سَبَقَ مِنْهَا أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَنَاوَلُ الْآثَارَ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا لِلْإِتْيَانِ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ آثَارِهَا، فَإِنَّ مُوجَبَ الشَّيْءِ هُوَ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ مُوجَبٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الصِّحَّةِ ; فَإِنَّهَا إنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْآثَارَ بِالتَّضَمُّنِ لَا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ أَعْلَى، وَهُوَ خِلَافُ الِاصْطِلَاحِ، وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>