بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ كَعَقْدٍ رُفِعَ إلَيْهِ فَحَكَمَ بِهِ بِلَا خُصُومَةٍ، وَسُمِّيَ الْقَاضِي حَاكِمًا ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ (إذَا حَضَرَ إلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي (خَصْمَانِ) اُسْتُحِبَّ أَنْ يُجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ» وَقَالَ عَلِيٌّ حِينَ خَاصَمَ الْيَهُودِيَّ فِي دِرْعِهِ إلَى شُرَيْحٍ: " لَوْلَا أَنَّ خَصْمِي يَهُودِيٍّ لَجَلَسْتُ مَعَهُ بَيْنَ يَدَيْك " ; وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِلْحَاكِمِ فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا جَلَسَا (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ) خَصْمُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُبْدَأَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِالدَّعْوَى، (وَ) لَهُ (أَنْ يَقُولَ: أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي) ; لِأَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا، (وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى) مِنْهُمَا (قَدَّمَهُ) أَيْ قَدَّمَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لِتَرَجُّحِهِ بِالسَّبْقِ، فَإِنْ قَالَ خَصْمُهُ: أَنَا الْمُدَّعِي لَمْ يَلْتَفِتْ الْحَاكِمُ إلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَجِبْ عَنْ دَعْوَاهُ ثُمَّ اُدْعُ بَعْدُ مَا شِئْتَ، (ثُمَّ) إنْ ادَّعَيَا مَعًا قُدِّمَ (مَنْ قُرِعَ) أَيْ: خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ ; لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الْمُسْتَحِقَّ (فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (ادَّعَى الْآخَرُ) لِاسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ حَقَّهُ
(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ) نَحْوُ أَدَّعِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيَّ دِينَارًا مَثَلًا فَاسْتَحْلِفْنِي لَهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَانْقَلَبَ فِيهَا الْقَصْدُ الْمُعْتَادُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا
(وَلَا) تُسْمَعُ دَعْوَى (حِسْبَةٍ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَعِبَادَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ وَنَحْوِهَا (وَحَدِّ) زِنًا أَوْ شُرْبٍ (وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَنَحْوِهِ) كَجَزَاءِ صَيْدٍ قَتَلَهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ، (وَتُسْمَعُ) بِلَا دَعْوَى (بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَبِعِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَ مَعْتُوقٌ) لِعِتْقِ الْمَشْهُودِ بِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا تُسْمَعُ بِطَلَاقٍ
(وَ) تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى (بِحَقٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ) عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ (وَوَصِيَّةٍ عَلَى فُقَرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى خَصْمٍ) فِي جِهَةِ ذَلِكَ، (وَ) تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِلَا دَعْوَى (بِوَكَالَةٍ وَإِسْنَادٍ بِوَصِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ) وَلَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ
(وَ) لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ (بِحَقِّ) ذِمِّيٍّ (مُعَيَّنٍ قَبْلَ دَعْوَاهُ) بِحَقِّهِ وَتَحْرِيرِهَا، (وَلَا تُسْمَعُ يَمِينُهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ الدَّعْوَى (وَبَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ إنْ كَانَ) حَيْثُ يُقْضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، (وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا سَمَاعَهَا) أَيْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ (لِحِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ بِلَا خَصْمٍ) ، وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ (وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخَصْمٍ مُسَخَّرٍ) ، أَيْ نُصِبَ لِيُنَازِعَ صُورَةً (قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَى أَصْلِنَا) أَيْ قَاعِدَتِنَا، (وَ) عَلَى (أَصْلِ مَالِكٍ إمَّا أَنْ تَثْبُتَ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute