النَّصِيبُ الْمَقْسُومُ وَبِفَتْحِهَا مَصْدَرُ قَسَمْتُ الشَّيْءَ فَانْقَسَمَ وَقَاسَمَهُ الْمَالَ وَتَقَاسَمَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ، وَعُرْفًا (تَمْيِيزُ بَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ عَنْ بَعْضٍ وَإِفْرَازُهَا عَنْهَا) وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] وَقَوْلِهِ: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: ٢٨] وَحَدِيثِ: " «إنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يُقْسَمُ» " وَقَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَذُكِرَتْ فِي الْقَضَاءِ ; لِأَنَّ مِنْهَا مَا يَقَعُ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ وَيُقَاسِمُ بِنَصِيبِهِ، (وَهِيَ) أَيْ الْقِسْمَةُ (نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا قِسْمَةُ تَرَاضٍ) بِأَنْ يَتَّفِقَ عَلَيْهَا جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ (وَتَحْرُمُ) الْقِسْمَةُ (فِي مُشْتَرَكٍ لَا يَنْقَسِمُ إلَّا بِضَرَرٍ) عَلَى الشُّرَكَاءِ أَوْ أَحَدِهِمْ لِحَدِيثِ: " «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الثَّوْرِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ لَهُ طُرُقٌ وَيُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا (أَوْ بِرَدِّ عِوَضٍ) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ ; لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَا (كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ) بِحَيْثُ يَتَعَطَّلُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، إذَا قُسِّمَتْ أَوْ يَقِلُّ.
(وَ) كَ (شَجَرٍ مُفْرَدٍ وَأَرْضٍ بِبَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ) كَمَعْدِنٍ، (وَلَا تَتَعَدَّلُ بِأَجْزَاءٍ) أَيْ بِجَعْلِهَا أَجْزَاءً (وَلَا بِقِيمَةٍ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ) ; لِأَنَّ فِيهَا إمَّا ضَرَرٌ أَوْ رَدُّ عِوَضٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَيْهِ، (وَحُكْمُ هَذِهِ) الْقِسْمَةِ (كَبَيْعٍ يَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ خَاصَّةً (لِمَالِك) النَّصِيبِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (وَوَلِيِّهِ) ، إنْ كَانَ كَذَلِكَ (خَاصَّةً) لِمَا فِيهَا مِنْ الرَّدِّ، وَبِهِ تَصِيرُ بَيْعًا لِبَذْلِ صَاحِبِهِ إيَّاهُ عِوَضًا عَمَّا حَصَلَ لَهُ مِنْ حَقِّ شَرِيكِهِ، وَهَذَا هُوَ الْبَيْعُ قَالَ الْمَجْدُ: الَّذِي تَحَرَّرَ عِنْدِي فِيمَا فِيهِ رَدُّ عِوَضٍ أَنَّهُ بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الرَّدَّ وَإِفْرَازٌ فِي الْبَاقِي ا. هـ. فَلَا يَفْعَلَهَا الْوَلِيُّ إلَّا إنْ رَآهَا مَصْلَحَةً وَإِلَّا فَلَا كَبَيْعِ عَقَارِ مُوَلِّيهِ.
(وَلَوْ) كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِنَاءٌ أَعْلَى وَبِنَاءٌ أَدْنَى فَ (قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا آخُذُ الْأَدْنَى) أَيْ الْأَسْفَلَ (وَيَبْقَى لِي فِي الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِي، فَلَا إجْبَارَ) لِشَرِيكِهِ عَلَى ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ شَرِيكِهِ مِنْ الْأَدْنَى بِغَيْرِ رِضَاهُ
(وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى بَيْعٍ فِيهَا) أَيْ قِسْمَةِ التَّرَاضِي (أُجْبِرَ) شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ شَرِيكُهُ مِنْ بَيْعٍ مَعَهُ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ حَاكِمٌ (عَلَيْهِمَا، وَقُسِمَ الثَّمَنُ) بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا نَصًّا، (وَكَذَا لَوْ طَلَبَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (الْإِجَارَةَ) أَيْ أَنْ يُؤَجِّرَ شَرِيكُهُ مَعَهُ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي، فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ، (وَلَوْ) شَرِيكًا (فِي وَقْفٍ) ، فَإِنْ أَبَى أَجَّرَهُ حَاكِمٌ عَلَيْهِمَا، وَقَسَّمَ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا
(وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute