(إلَّا فِي تَجْدِيدِ نِيَّةٍ فَيَكْفِي) اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا،
قَالَ جَمْعٌ: وَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ. لِأَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ.
(وَ) إلَّا فِي (تَحْرِيمِهِ) فَلَا تُعَادُ.
(وَ) إلَّا فِي (اسْتِفْتَاحٍ) فَلَا يُشْرَعُ فِي غَيْرِ الْأُولَى مُطْلَقًا.
(وَ) إلَّا فِي (تَعَوُّذٍ) فَلَا يُعَادُ (إنْ تَعَوَّذَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " كَانَ «إذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَمْ يَسْكُتْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَعِيذُ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ كُلَّهَا جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ. فَالْقِرَاءَةُ فِيهَا كُلِّهَا كَالْقِرَاءَةِ الْوَاحِدَةِ ; وَأَمَّا الْبَسْمَلَةُ فَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ بِهَا السُّورَةَ، فَأَشْبَهَ أَوَّلَ رَكْعَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَوَّذْ فِي الْأُولَى وَلَوْ عَمْدًا أَتَى بِهِ فِيمَا بَعْدَهَا.
(ثُمَّ يَجْلِسُ) بَعْدَ فَرَاغٍ مِنْ ثَانِيَة (مُفْتَرِشًا) كَجُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ (وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) وَلَا يُلْقِمُهُمَا رُكْبَتَيْهِ (يَقْبِضُ مِنْ) أَصَابِعِ (يُمْنَاهُ: الْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ، وَيُحَلِّقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى وَيَبْسُطُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً إلَى الْقِبْلَةِ) لِيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِكُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى بِنَعْلَيْهِ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
وَفِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ وَضَعَ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ عَقَدَ مِنْ أَصَابِعِهِ الْخِنْصَرَ وَاَلَّتِي تَلِيهَا، وَحَلَّقَ حَلْقَةً بِأُصْبُعِهِ الْوُسْطَى عَلَى الْإِبْهَامِ، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ يُشِيرُ بِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَصِفَةُ التَّحْلِيقِ: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ رَأْسِ الْإِبْهَامِ وَالْوُسْطَى فَيُشْبِهُ الْحَلْقَةَ مِنْ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) وُجُوبًا (سِرًّا) اسْتِحْبَابًا لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَيُخَفِّفُهُ، وَلَا يُسْتَحَبُّ بَدْؤُهُ بِالْبَسْمَلَةِ، وَلَا يُكْرَهُ بَلْ تَرْكُهَا أَوْلَى (فَيَقُولُ: التَّحِيَّاتُ) جَمْعُ تَحِيَّةٍ، أَيْ الْعَظَمَةُ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ الْمُلْكُ وَالْبَقَاءُ.
وَعَنْ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ: السَّلَامُ. وَجُمِعَ لِأَنَّ مُلُوكَ الْأَرْضِ يُحَيَّوْنَ بِتَحِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ) قِيلَ: الْخَمْسُ، وَقِيلَ: الْمَعْلُومَةُ فِي الشَّرْعِ، وَقِيلَ الرَّحْمَةُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا. وَقِيلَ: الْأَدْعِيَةُ، أَيْ هُوَ الْمَعْبُودُ بِهَا (وَالطَّيِّبَاتُ) أَيْ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ الْكَلَامُ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ (السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ) بِالْهَمْزِ، مِنْ النَّبَأِ، وَهُوَ الْخَبَرُ ; لِأَنَّهُ يُنَبِّئُ النَّاسَ، وَيُنَبَّأُ هُوَ بِالْوَحْيِ، وَبِتَرْكِ الْهَمْزِ تَسْهِيلًا أَوْ مِنْ النُّبُوَّةِ وَهُوَ الرِّفْعَةُ لِرِفْعَةِ مَنْزِلَتِهِ عَلَى الْخَلْقِ (وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) جَمْعُ بَرَكَةٍ وَهِيَ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ.
(السَّلَامُ عَلَيْنَا) أَيْ الْحَاضِرِينَ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمَلَائِكَةٍ (وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ