الْوَقْفِ. فَإِنَّ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ رَبِّ الطِّلْقِ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يَبْذُلُهُ لِأَخْذِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْوَقْفِ، وَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ (وَتَصِحُّ) الْقِسْمَةُ (إنْ تَرَاضَيَا) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَرَبُّ الطِّلْقِ (يُرَدُّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ) ; لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بَعْضَ الطِّلْقِ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ (وَلَا يَحْنَثُ بِهَا) أَيْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ (مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ) ; لِأَنَّهَا إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ
(وَمَتَى ظَهَرَ فِيهَا) أَيْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ (غَبْنٌ فَاحِشٌ بَطَلَتْ) لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْإِفْرَازِ، (وَلَا شُفْعَةَ فِي نَوْعَيْهَا) أَيْ قِسْمَةِ التَّرَاضِي وَقِسْمَةِ الْإِجْبَارِ ; لِأَنَّهَا لَوْ ثَبَتَتْ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَثَبَتَتْ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَتَنَافَيَانِ (وَيَتَفَاسَخَانِ بِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا
(وَيَصِحُّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَنْ يَتَقَاسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَأَنْ يَنْصِبَا قَاسِمًا) بِأَنْفُسِهِمَا ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا (وَ) لَهُمَا (أَنْ يَسْأَلَا حَاكِمًا نَصْبَهُ) أَيْ لِقَاسِمٍ ; لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يَصْلُحُ لِلْقِسْمَةِ وَإِذَا سَأَلُوهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ إجَابَتُهُمْ لِقَطْعِ النِّزَاعِ
(وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ إذَا نَصَّبَهُ حَاكِمٌ (وَ) يُشْتَرَطُ (عَدَالَتُهُ) لِيُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ،.
(وَ) يُشْتَرَطُ (مَعْرِفَتُهُ بِهَا) أَيْ بِالْقِسْمَةِ لِيَحْصُلَ مِنْهُ الْمَقْصُودُ ; لِأَنَّ غَيْرَ الْعَارِفِ لَا يُمْكِنُهُ تَعْدِيلُ السِّهَامِ ; لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَعْيِينُهُ لِلسِّهَامِ مَقْبُولًا كَحَاكِمٍ يَجْهَلُ مَا يَحْكُمُ بِهِ لَا حُرِّيَّتَهُ، فَتَصِحُّ مِنْ عَبْدٍ (وَيَكْفِي) قَاسِمٌ (وَاحِدٌ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ ; لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ وَ (لَا) يَكْفِي وَاحِدٌ (مَعَ تَقْوِيمٍ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ ; لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِالْقِيمَةِ فَاعْتُبِرَ النِّصَابُ كَبَاقِي الشَّهَادَاتِ
(وَتُبَاحُ أُجْرَتُهُ) أَيْ إعْطَاؤُهَا وَأَخْذُهَا ; لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ عَمَلٍ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ (وَتُسَمَّى) أُجْرَةُ الْقَاسِمِ (الْقُسَامَةُ بِضَمِّ الْقَافِ) ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيِّ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: " «إيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةُ قِيلَ: وَمَا الْقُسَامَةُ؟ قَالَ: الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَيُنْتَقَصُ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِيمَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ وَكَانَ عَرِيفًا لَهُمْ أَوْ نَقِيبًا لَهُمْ، فَإِذَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ سِهَامَهُمْ أَمْسَكَ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ يَسْتَأْثِرُ بِهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا نَحْوَهُ قَالَ فِيهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الْفِئَامِ مِنْ النَّاسِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَظِّ هَذَا وَمِنْ حَظِّ هَذَا، الْفِئَامِ الْجَمَاعَاتُ (وَهِيَ) أَيْ: أُجْرَةُ الْقَسْمِ عَلَى الشُّرَكَاءِ (بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ) نَصًّا (وَلَوْ شُرِطَ خِلَافُهُ) فَالشَّرْطُ لَاغٍ.
(وَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُ) الشُّرَكَاءِ (بِاسْتِئْجَارِ) قَاسِمٍ ; لِأَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ كُلِّهِمْ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ (وَكَقَاسِمٍ) فِي أَخْذِ أُجْرَةٍ وَكَوْنُهَا عَلَى