يَحْلِفُ لِلْآخَرِ (وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ) يَمِينًا (لِصَاحِبِهِ عَلَى النِّصْفِ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِ) ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِأَيْدِيهِمَا ابْتِدَاءً. (وَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ) بِالْعَيْنِ لَهُمَا (عَنْ الْيَمِينِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ الْعَيْنَ (أَخَذَا مِنْهُ بَدَلَهَا وَاقْتَسَمَاهُ أَيْضًا) ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَيْنِ. (وَ) إنْ أَقَرَّ (لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ) بِالْعَيْنِ جَمِيعَهَا (حَلَفَ) الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا (وَأَخَذَهَا) ; لِأَنَّهُ بِالْإِقْرَارِ لَهُ صَارَ كَأَنَّ الْعَيْنَ بِيَدِهِ وَالْآخَرُ مُدَّعٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، فَيَحْلِفُ لَهُ لِنَفْيِ دَعْوَاهُ (وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْآخَرِ) إنْ طَلَبَ يَمِينَهُ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَخَافَ مِنْ الْيَمِينِ، فَيُقِرُّ لَهُ فَيَغْرَمُ لَهُ بَدَلَهَا.
(فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ لِلْآخَرِ (أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا) أَيْ الْعَيْنِ بِالْحُكْمِ بِنُكُولِهِ، (وَإِذَا أَخَذَهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَا بِمُقْتَضَى إقْرَارِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لَهُ، (فَأَقَامَ) الْمُدَّعِي (الْآخَرُ بَيِّنَةً) أَنَّهَا مِلْكُهُ (أَخَذَهَا مِنْهُ) أَيْ: الْمُقَرِّ لَهُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ لَهَا.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: (وَلِلْمُقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ) قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ انْتَهَى وَهُوَ بَعِيدٌ، (وَإِنْ قَالَ) مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ (هِيَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ (وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ) عَلَى جَهْلِهِ بِهِ (لَمْ يَحْلِفْ) لِتَصْدِيقِهِمَا لَهُ فِي دَعْوَاهُ، (وَإِلَّا) يُصَدِّقَاهُ (حَلَفَ) لَهُمَا (يَمِينًا وَاحِدَةً) ; لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَّا بِطَلَبِهِمَا جَمِيعًا ; لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْهُمَا لِلْيَمِينِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، (وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ لِلْعَيْنِ. (فَمَنْ قُرِعَ) صَاحِبُهُ (حَلَفَ وَأَخَذَهَا) نَصًّا لِحَدِيثِ: " «أَنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا فِي دَابَّةٍ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ أَحَبَّا أَوْ كَرِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ ; وَلِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِهَا يَصِيرُ صَاحِبَ الْيَدِ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَعُيِّنَ بِالْقُرْعَةِ، (ثُمَّ إنْ بَيَّنَ) أَيْ بَيَّنَ مَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا مِنْهُمَا بَعْدَ قَوْلِهِ: هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ (قُبِلَ) كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِهَا لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَالشَّهَادَةِ بِهَا كَذَلِكَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ، (وَلَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِيَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ: هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْهَلُهُ (الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبِ وَقَبْلَهُ) أَيْ التَّحْلِيفِ ; لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى يَمِينِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ صَدَّقَاهُ لَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ.
(فَإِنْ نَكَلَ) مَنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ عَنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا مِنْهُمَا (قُدِّمَتْ الْقُرْعَةُ) ; لِأَنَّهَا تُعَيِّنُ الْمُقَرَّ لَهُ مِنْهُمَا، فَإِذَا خَرَجَ كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ لَهُ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ، (وَيَحْلِفُ لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ) فِي عَدَمِ الْعِلْمِ، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute