للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ (وَيُصَلِّي الْبَاقِي) مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ رَكْعَةٌ مِنْ مَغْرِبٍ وَرَكْعَتَانِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ: كَالرَّكْعَةِ الثَّانِيَة (إلَّا أَنَّهُ يُسِرُّ) الْقِرَاءَةَ إجْمَاعًا (وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ) لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَتَقَدَّمَ، وَعَنْ عَلِيٍّ " أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ " وَكَتَبَ عُمَرُ إلَى شُرَيْحٍ يَأْمُرُهُ بِهِ.

وَرَوَى الشَّالَنْجِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: قَالَ: " لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ. وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " وَلَا تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ (ثُمَّ يَجْلِسُ) لِلتَّشَهُّدِ الثَّانِي (مُتَوَرِّكًا) بِأَنْ (يَفْرِشَ) رِجْلَهُ (الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ) رِجْلَهُ (الْيُمْنَى وَيُخْرِجَهُمَا) أَيْ: رِجْلَيْهِ مِنْ تَحْتَهُ (عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ) لِقَوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: فَإِذَا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَفْضَى بِوَرِكِهِ الْيُسْرَى إلَى الْأَرْضِ، وَأَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَخُصَّ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ بِالِافْتِرَاشِ وَالثَّانِي بِالتَّوَرُّكِ خَوْفَ السَّهْوِ. وَلِأَنَّ الْأَوَّلَ خَفِيفٌ، وَالْمُصَلِّي بَعْدَهُ يُبَادِرُ بِالْقِيَامِ، بِخِلَافِ الثَّانِي. فَلَيْسَ بَعْدَهُ عَمَلٌ. بَلْ يُسَنُّ مُكْثُهُ لِنَحْوِ تَسْبِيحٍ وَدُعَاءٍ (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) سِرًّا (التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ يَقُولُ سِرًّا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ) أَيْ: عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ (إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ. إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) .

لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ قُلْنَا «: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا، أَوْ عَرَفْنَا كَيْفَ السَّلَامُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: قُولُوا فَذَكَرَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (أَوْ) يَقُولُ (كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَكَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ) لِوُرُودِهِ أَيْضًا.

(وَ) الصِّفَةُ (الْأُولَى أَوْلَى) لِكَوْنِ حَدِيثِهَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى التَّشَهُّدِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا، لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا.

وَالْجَوَابُ عَنْ تَشْبِيهِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ: أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بَيْنَ عَطِيَّةٍ تَحْصُلُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ حَصَلَتْ لَهُ قَبْلَ الدُّعَاءِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ. فَهُمَا كَرَجُلَيْنِ أُعْطِيَ أَحَدُهُمَا أَلْفًا وَالْآخَر أَلْفَيْنِ، ثُمَّ طُلِبَ لِصَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ مِثْلُ مَا أُعْطِيَ صَاحِبُ الْأَلْفِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَلَا يُرَدُّ السُّؤَالُ مِنْ أَصْلِهِ. ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ. وَلَوْ أَبْدَلَ آلَ بِأَهْلٍ لَمْ يَجُزْ، لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَتَغَايُرِ الْمَعْنَى، إذْ الْأَهْلُ الْقَرَابَةُ.

وَالْآلُ الْأَتْبَاعُ فِي الدِّينِ (ثُمَّ يَقُولُ نَدْبًا: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>