أَدَاءُ الشَّهَادَةِ بِلَا طَلَبِ حَاكِمٍ وَبِلَا طَلَبِ مَشْهُودٍ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (فِيهِ كَشَهَادَةِ حِسْبَةً) بِحَقٍّ لَلَهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى
(وَيَجِبُ إشْهَادُ) اثْنَيْنِ (عَلَى نِكَاحٍ) ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِدُونِهَا وَتَقَدَّمَ (وَيُسَنُّ) الْإِشْهَادُ (فِي كُلِّ عَقْدٍ سِوَاهُ) مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ، وَحُمِلَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي ائْتُمِنَ أَمَانَتَهُ.} [البقرة: ٢٨٣]
(وَيَحْرُمُ أَنْ يَشْهَدَ) أَحَدٌ (إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا وَهُوَ يَعْلَمُ مَا شَهِدَ بِهِ عَنْ بَصِيرَةٍ وَإِيقَانٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّهَادَةِ؟ فَقَالَ «تَرَى الشَّمْسَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ، وَالْمُرَادُ الْعِلْمُ فِي أَصْلِ الْمُدْرَكِ لَا فِي دَوَامِهِ، وَلِذَلِكَ يُشْهَدُ بِالدَّيْنِ مَعَ جَوَازِ دَفْعِ الْمَدِينِ لَهُ وَبِالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ مَعَ جَوَازِ الْإِقَالَةِ وَنَحْوِهَا. أَشَارَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ. فَمُدْرِكُ الْعِلْمِ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الشَّهَادَاتُ يَكُونُ (بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ غَالِبًا لِجَوَازِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (بِبَقِيَّةِ الْحَوَاسِّ) كَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ (قَلِيلًا) كَدَعْوَى مُشْتَرٍ مَأْكُولًا عَيَّبَهُ لِمَرَارَتِهِ وَنَحْوِهَا، فَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِهِ، (فَإِنَّ) تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ يَعْرِفُهُ بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ، وَإِنْ (جَهِلَ) الشَّاهِدُ (حَاضِرًا) أَيْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَقَدْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ (جَازَ أَنْ يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (فِي حَضْرَتِهِ) فَقَطْ (لِمَعْرِفَتِهِ عَيْنَهُ) نَصًّا، (وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَ) لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَعْرِفَ اسْمَهُ، فَإِنْ عَرَفَهُ أَيْ الشَّاهِدُ (بِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (مَنْ يَسْكُنُ) أَيْ يَطْمَئِنُّ الشَّاهِدُ (إلَيْهِ) وَلَوْ وَاحِدًا، (جَازَ) لَهُ (أَنْ يَشْهَدَ) عَلَيْهِ، (وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ) لِحُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، (وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ حَالَ الشَّهَادَةِ (إلَى) مَشْهُودٍ عَلَيْهِ (حَاضِرٍ مَعَ) ذِكْرِ (نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ) اكْتِفَاءً بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا أَشَارَ إلَيْهِ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ، (وَإِنْ شَهِدَ) شَاهِدٌ (بِإِقْرَارٍ بِحَقٍّ لَمْ يُعْتَبَرْ) لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ (ذِكْرُ سَبَبِهِ) أَيْ الْحَقِّ أَوْ الْإِقْرَارِ (ك) مَا لَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ ذِكْرُ (اسْتِحْقَاقِ مَالِهِ) بِأَنْ يَقُولَ: أُقِرُّ لَهُ بِكَذَا وَهُوَ يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَهُ اكْتِفَاءً بِالظَّاهِرِ، (وَلَا يُعْتَبَرُ) لِلشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ أُقِرُّ (طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الْحَالِ ; لِأَنَّ مَنْ سِوَى ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ بِتِلْكَ الْحَالِ
(وَإِنْ شَهِدَ) شَاهِدٌ (بِسَبَبٍ يُوجِبُ الْحَقَّ) كَتَفْرِيطٍ فِي أَمَانَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute